للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسبب في ذلك: هو أنَّ المرأة الأَوْلَى بها أن تبتعد عن الرجال، أمَّا الرجال فينبغي أن يتقدموا، وهو ما سيشير إليه المؤلف في هذه المسألة.

* قوله: (المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَجْمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّفَّ الأَوَّلَ مُرَغَّبٌ فِيهِ) (١).

الصف الأول مُرغَّبٌ فيه؛ فقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة صحيحة، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "لو يَعلم الناسُ ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلَّا أن يستهموا عليه لاستهموا" (٢)، حتى يصل بهم الأمر إلى أن يقوموا بالمساهمة (٣) على الصف الأول، فذلك دليل على فضله وأهميته، لذلك كان الرَّسُول عليه الصلاة والسلام يقول: "لِيَليني منكم أُولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم" (٤). ولذلك تكلم العلماء عن هذه المسألة، وبينوا أنَّ الأولى تَقَدُّم الكبار، ثم الصغار، وهكذا (٥)، وكان


(١) وهذا الإجماع معلوم من الأحاديث التي جاءت في الترغيب في الصف الأول، وأنها خير الصفوف.
(٢) أخرجه البخاري (٦١٥)، ومسلم (٤٣٧/ ١٢٩) عن أبي هريرة: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو يَعلم الناس ما في النداء والصَّف الأول، ثم لم يجدوا إِلَّا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التَّهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا".
(٣) يقال: استهم الرجلان، أي: اقترعا. والسَّهْمُ: النصيب. انظر: "العين"، للخليل (٤/ ١١).
(٤) أخرجه مسلم (٤٣٢/ ١٢٢)، عن أبي مسعود، قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: "استووا، ولا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم، لِيَلِنِي منكم أُولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". قال أبو مسعود: "فأنتم اليوم أشد اختلافًا"".
"أولو الأحلام والنهى": أي: ذوو الألباب: العقول، واحدها: حِلم بالكسر، وكأنه من الحِلم: الأناة والتثبت في الأمور، وذلك من شعار العقلاء. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر"، لابن الأثير (١/ ٤٣٤).
(٥) قال ابن العربي: "فما يلي الإمام ينبغي أن يكون لمن كانت هذه صفته، فإن نزلها =

<<  <  ج: ص:  >  >>