للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول فالذي يليه، فإن كان نقص فليكن في المُؤَخَّر (١)، وهكذا الحال في تتابع الصفوف؛ كل صف يعتبر بالنسبة للذي قبله هو الأول بالنسبة له.

* قوله: (وَكَذَلِكَ تَرَاصُّ الصُّفُوفِ).

فكان الرَّسُول عليه الصلاة والسلام يوصي أصحابه بتراص


= الأول، ثم يكملوا ما يليه، وهلم جرًّا، وإن وجد في الصف فُرجة سَدَّها؛ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسُدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم؛ لا تَذروا فرجات للشيطان؛ مَن وصل صفًّا وصله اللَّه، ومَن قطع صفًّا قطعه اللَّه"، والقيام في الصف الأول أفضل من الثاني، ثم وثم؛ لما روي في الأخبار: "أن اللَّه تعالى إذا أنزل الرحمة على الجماعة يُنزلها أولًا على الإمام، ثم تتجاوز عنه إلى مَن يحاذيه في الصف الأول، ثم إلى الميامن، ثم إلى المياسر، ثم إلى الصف الثاني"". وانظر في مذهب المالكية: "شرح التلقين"، للمازري (١/ ٧٠٢، ٧٠٣)، وفيه قال: "ويبتدئ الصف من خلف الإِمام، ثم عن يمينه وعن شماله حتى يكمل. . .، وهل يجوز أن يبتدأ صف قبل إكمال ما قبله؟ ظاهر المذهب على قولين: والمختار: أن لا يُبْتَدَأَ صفٌّ حتى يكمل ما قبله، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَتِمُّوا الصَّفَّ الأول، ثم الذي يليه، فإن كان نقص فليكن في الآخر"، وخرج مسلم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "أَلَا تَصُفُّون كما تَصُفُّ الملائكة عند ربها؟! ثم قال: يُتمون الصف الأول ويَتراصون".
وانظر في مذهب الشافعية: "التهذيب في فقه الإمام الشافعي"، للبغوي (٢/ ٢٨١)، وفيه قال: "والسُّنة للقوم: أن يَصِلوا الصفوف، ويتموا الصف الأول، ويقفوا بقرب الإمام، ويختاروا يمين الإمام؛ لما روي عن جابر بن سمرة قال: خرج علينا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "ألا تصفُّون كما تصُف الملائكة عند ربِّها؟! ". قلنا: يا رسول اللَّه، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: "يتمُّون الصفوف الأولى ويتراصّون في الصَّفِّ".
وانظر في مذهب الحنابلة: "كشاف القناع"، للبهوتي (١/ ٣٢٨، ٣٢٩)، وفيه قال: " (و) يسن (تراص المأمومين، وسد خلل الصفوف)؛ لِتُشبه صفوف المجاهدين، (فلو ترك القادر) الصف (الأول فالأول كره) له ذلك، قال في "الإنصاف": على الصحيح من المذهب، وهو المشهور أيضًا، (والصف الأول) للرجال أفضل؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لتكونوا في الذي يليني"، (ويمنة كل صف للرجال أفضل) من يَسرته، أي: صلاة المأمومين من جهة يمين الإمام أفضل من صلاتهم جهة يساره، إذا كانوا رجالًا".
(١) أخرجه أبو داود (٦٧١)، وغيره، عن أنس بن مالك: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أَتِمُّوا الصَّفَّ المُقدم، ثم الذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف المُؤخر"، وصححه الألباني في: "مشكاة المصابيح" (١٠٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>