للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحديث الأول أمره أن يُعيد الصلاة، فلا يمكن أن يأمر الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلًا أن يُعيد الصلاة وقد صلَّاها صحيحة، إلَّا في حالات.

إذًا بهذا نتبين أنَّه لا ينبغي أن يصلي الإنسان خلف الصف إلَّا أن تكون هناك حاجة لضرورة، فيُعتبر عندها داخل في حكم أهل الأعذار، ونرى أنَّ كثيرًا من الأحكام تَسقط في حالة العذر.

باختصار القياس هنا غير وارد، لأنَّ الأصل في القياس أن يُلحق مسكوت عنه بمنطوق به، أمَّا أن يُلحق منطوق به منهي عنه بمنطوق به أمر به، أو هو سنة، فهذا قياس -حقيقة- مع الفرق، وهو غير صحيح.

* قوله: (وَتَسْوِيَتُهَا لِثُبُوتِ الأمر بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَاخْتَلَفُوا إِذَا صَلَّى إِنْسَانٌ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ، فَالجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهُ تُجْزِي.

وَقَالَ أَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ (١)، وَجَمَاعَةٌ: صَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ (٢).

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: اخْتِلَافُهُمْ فِي تَصْحِيحِ حَدِيثِ وَابِصَةَ، وَمُخَالَفَةُ العَمَلِ لَهُ (٣).


(١) انظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٢/ ٢٧٠)، وفيه قال: "وكان أحمد بن حنبل والحميدي وأبو ثور يذهبون إلى الفرق بين الرجل والمرأة في المصلي خلف الصف؛ فكانوا يرون الإعادة على من صلى خلف الصف وحده من الرجال؛ لحديث وابصة بن معبد عن النبي عليه السلام بذلك".
(٢) سبق ذكر هذا.
(٣) قال ابن عبد البر: "والذي أقول: إنه ليس في هذا الباب حجة على مَن أنكر صلاة الرجل وحده خلف الصف؛ لأنَّ السنة المجتمع عليها أن تقوم المرأة خلف الرجال، ولكني أقول: إن الحديث في إبطال صلاة الرجل خلف الصف وحده مُضطرب الإسناد لا يقوم به حجة، وقد اتفق فقهاء الحجاز والعراق على ترك القول به؛ منهم: مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم ومَن سلك سبيلهم، كلهم يرى أن صلاة الرجل خلف الصف جائزة". انظر: "الاستذكار" (٢/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>