للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ (١)، وَأَبِي ذَرٍّ (٢)، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابة: أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ السَّعْيَ، بَلْ أَنْ تُؤْتَى الصَّلَاةُ بِوَقَارٍ (٣) وَسَكِينَةٍ (٤).

وَبِهَذَا القَوْلِ قَالَ فُقَهَاءُ الأَمْصَارِ (٥)؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الثَّابِتِ:


= عبد اللَّه: "أحق ما سعينا إليه الصلاة". وروي عنه الطَّبراني في "المعجم الكبير" (٩/ ٣٠٧) أنه قال: " {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]، قال عبد اللَّه: لو قرأتُها فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي، وكان يقرؤها فامضوا". وانظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١/ ٣٨١).
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ١٣٤)، عن أنس بن مالك، قال: "خرجت مع زيد بن ثابت إلى المسجد، فأسرعت المشي فحبسني".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ١٣٣)، عن أبي ذر، قال: "إذا أقيمت الصلاة فامش إليها كما كنت تمشي، فَصَلِّ ما أدركت، واقض ما سبقك".
(٣) الوقار: الحلم والرزانة. انظر: "الصحاح"، للجوهري (٢/ ٨٤٩).
والسكينة: الطمأنينة والوقار. انظر: "معاني القرآن"، للفراء (٣/ ٦٧).
وقد فرق بينهما العسكري، فقال: "الفرق بين الوقار والسكينة: أن السكينة مفارقة الاضطراب عند الغضب والخوف، وأكثر ما جاء في الخوف، ألا ترى قوله تعالى: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ}، وقال: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}. ويضاف إلى القلب، كما قال تعالى: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}، فيكون هيبة وغير هيبة، والوقار لا يكون إِلَّا هيبة". انظر: "الفروق اللغوية" (ص: ٢٠٢).
(٤) وثبت هذا عن أنس أيضًا. أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٢/ ٢٨٩) عن ثابت البناني، قال: "أقيمت الصَّلاة وأنس بن مالك واضع يده عليَّ، قال: فجعلت أَهابه أن أرفع يده عني، وجعل يقارب بين الخُطى، فانتهينا إلى المسجد، وقد سُبقْنَا بركعة، وقد صلينا مع الإمام وقضينا ما كان فاتنا، فقال لي أنس بن مالك: "يا ثابت، اعمل بالذي صنعت بك". قلت: نعم، قال: "صنعه بي أخي زيد بن ثابت".
(٥) انظر في مذهب الأحناف: "المحيط البرهاني في الفقه النعماني"، لابن مازة (١/ ٤٢٣)، وفيه قال: "وينبغي أن يجيء إلى الصلاة بالسكينة والوقار، كذا إذا أدرك الإمام في الركوع؛ لقوله عليه السلام: "إذا أتيتم الصلاة فأتوها وأنتم تمشون، ولا تأتوها وأنتم تَسعون؛ عليكم بالسَّكينة والوقار، ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا".
وانظر في مذهب المالكية: "البيان والتحصيل"، لأبي الوليد ابن رشد (١/ ٢٢٠)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>