للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ؛ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ" (١)).

هذه مسألة مهمة، وتقع كثيرًا في زمننا هذا؛ يعني: عندما يسمع الإنسان الإقامة ما هو الأَوْلى في حَقِّه؟ يَخُبُّ (٢) مُسرعًا - يجري أو


= وفيه قال: "قال ابن القاسم: وسمعت مالكًا، وسئل عن الإسراع في المشي إلى الصلاة إذا أُقيمت، قال: لا أرى بذلك بأسًا، ما لم يسعَ أو يخب. قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا ثُوِّب بالصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السَّكينة"، الحديث. فإذا خاف الرجل أن تفوته الصلاة أو شيء منها، فلا بأس أن يزيد في مَشيه، ويُسرع فيه ما لم يخرج بذلك عن حَدِّ السكينة والوقار المأمور به في ذهابه إلى الصلاة".
وانظر في مذهب الشافعية: "البيان"، للعمراني (٢/ ٣٧٢)، وفيه قال: "والمستحب لمن قصد الجماعة: أن يمشي إليها على سَجية مَشيه. وقال أبو إسحاق: إن خاف فوت التكبيرة الأولى أسرع؛ لما روي: أن ابن مسعود استدعى إلى الصلاة، وقال: (بادروا حَدَّ الصلاة)، يعني: التكبيرة الأولى. والصحيح هو الأول؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أُقيمت الصلاة، فلا تأتوها وأنتم تسعون، ولكن ائتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة"". وانظر: "المجموع شرح المهذب"، للنووي (٤/ ٢٠٦).
وانظر في مذهب الحنابلة: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ١٨٢)، وفيه قال: " (سن خروج إليها)، أي: الصلاة (بسكينة)، أي: طمأنينة (ووقار)، أي: رزانة؛ كغض الطرف، وخفض الصوت، وعدم الالتفات؛ لحديث أبي هريرة: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة؛ فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"، ولمسلم: "فإن أحدكم إذا كان يَعمد إلى الصلاة فهو في صلاة"، ويقارب في خطاه؛ لتكثر حسناته، ويكون متطهرًا، غير مشبك بين أصابعه، قائلًا ما ورد. قال أحمد: فإن طمع أن يدرك التكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع شيئًا، ما لم تكن عجلة تَقبح. وفي "شرح العمدة" للشيخ تقي الدين ما معناه: إن خشي فوت الجماعة أو الجمعة بالكلية، فلا يَنبغي أن يكره له الإسراع؛ لأن ذلك لا ينجبر إذا فات".
(١) هذا اللفظ الذي ذكره المؤلف أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٦٨) أن أبا هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا ثُوِّب بالصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة؛ فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم في صلاة ما كان يَعمد إلى الصلاة". وبنحوه أخرجه مسلم (٦٠٢/ ١٥٤).
(٢) خَبَّ يَخُبُّ خَبَبًا، إِذَا عَدَا. انظر: "لسان العرب"، لابن منظور (١/ ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>