للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يهرول (١) - أو أنَّه يمشي؟ فهناك ثواب كُلما قارب الخطَى، سيكسب في كل خطوة يخطوها حسنة، يرفع ويضع (٢)، وهناك سيدرك الصلاة، أو يتمهل ويقضي ما فاته من الصلاة، فأيهما الأولى؟

نحن عندما نَعرض أحاديثَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نجد أنَّها صريحة الدلالة بعدم الإسراع؛ لأنَّ الرسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في حديث أبي هريرة: "إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون، وعليكم السَّكينة والوقار، فما أدركتم فَصَلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا" (٣)، وفي رواية عند النسائي: "وما فاتكم فاقضوا" (٤)، وفي حديث أبي قتادة المتفق عليه أيضًا، قال: بينما كُنَّا نصلي مع النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ سمع جلبة (٥) أصوات، فلمَّا انصرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من صلاته، قال: "ما شأنكم؟ " قالوا: استعجلنا الصلاة، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكينة؛ فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتمُّوا" (٦).

فهذان حديثان متفقٌ على صحتهما، كل واحد منهما نص صريح


(١) الهَرْولةُ: بين المَشي والعَدْوِ. يقال: هَروَلَ الرجلُ هَرْولةً. انظر: "العين"، للخليل (٤/ ٤٣).
(٢) أخرج مسلم (٢٥٧/ ٦٥٤)، عن عبد اللَّه، قال: "وما مِن رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إِلَّا كتب اللَّهُ له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويَحط عنه بها سيئة".
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) أخرجه النسائي في "سننه" (٨٦١)، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة؛ فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا"، وصححه الألباني في "التعليقات الحسان" (٢١٤٢).
(٥) الجلبة: هي الصوت. وجمعها: الجلب. انظر: "غريب الحديث"، لابن قتيبة (٢/ ١٥٧).
(٦) أخرجه البخاري (٦٣٥)، عن عبد اللَّه بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: "بينما نحن نصلي مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ سمع جلبة رجال، فلما صلى قال: "ما شأنُكم؟ ". قالوا: استعجلنا إلى الصلاة؟ قال: "فلا تفعلوا؛ إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا". وأخرج مسلم بلفظ: "وما سبقكم فأتموا"".

<<  <  ج: ص:  >  >>