للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عدم السعي والإسراع حين سماع الإقامة، وإنَّما يمشي الإنسان بآداب مَن يمشي إلى الصلاة بسكينة، يعني: بهدوء، وأن يَظهر عليه الوقار، وهذا هو شأن مَن يسعى إلى الصلاة، مَن يذهب إلى عبادة من أَجَلِّ العبادات، إذًا يمشي بسكينة ووقار، ولا يُسرع كأنَّه منطلق من أمر من أمور الدنيا، هذا هو رأي الأئمة الأربعة، وغيرهم، هذا رأيُ جماهير العلماء (١).

ولكن نُقل عن بعض السلف؛ كابن مسعود وغيره، كما ذكر المؤلف (٢)، نُقل عنهم أنَّهم قالوا بالإسراع إلى الصلاة.

وهذا كلام يحتمل -أيضًا- التفصيل في الإسراع إلى الصلاة، وألَّا يتباطأ، لكن هل نُقل عنهم أنَّ الإنسان يمشي إليها مُسرعًا؟

عندما ننظر في عموم أدلة الشريعة نجد أنَّها تَحُضُّ على الإسراع في فعل الخيرات والمسابقة؛ فاللَّه تعالى يقول: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)} إلخ [آل عمران: ١٣٣، ١٣٤] إذًا هذا أمر بالمسارعة في فعل الخيرات، ولكن هذا مطلق، واللّه تعالى يقول: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨، المائدة: ٤٨]، فيه مسابقة إلى الخيرات، ويقول: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠)} [الواقعة: ١٠] فهذه أدلة عامة، والأحاديث التي معنا خاصة بالصلاة، وهي صريحة في أنَّ الإنسان لا يأتي إليها مُسرعًا، وإنَّما يأتي إليها ماشيًا بسكينة، وطمأنينة، ووقار.

* قوله: (وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الخِلَافِ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُمْ هَذَا الحَدِيثُ، أَوْ رَأَوْا أَنَّ الكِتَابَ يُعَارِضُهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالى: {فَاسْتَبِقُوا


(١) سبق.
(٢) زاد ابن عبد البر على ما ذكر المؤلف، فقال: "وعن الأسود بن يزيد وعبد الرحمن بن يزيد وسعيد بن جبير أنهم كانوا يُهرولون إلى الصلاة". انظر: "الاستذكار" (١/ ٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>