للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨] وَقَوْلِهِ: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠)} [الواقعة: ١٠]، {أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١)} [الواقعة: ١١]، وَقَوْلِهِ: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣]) (١).

هذا كله احتمال، فلا يستغرب أن يكون هناك حديث لم يبلغ الصحابة، ولم يبلغ بعض التابعين والأئمة، فهذا حاصل، ومَن يتتبع تاريخ التشريع، ويدرسه بدقة يرى ذلك، فهناك أحاديث غابت عن أبي بكر -رضي اللَّه عنه- (٢)، لكن لا يُفهم من هذا أنَّ غير أبي بكر أعلم منه في كل شيء، وغابت أحاديث عن عمر -رضي اللَّه عنه-، وقد يأتي صحابي صغير فيحفظ الحديث؛ لأنَّه سَمِعَه (٣).


(١) يقصد المؤلف من هذا: أن الذين قالوا بالإسراع في المشي إلى الصلاة؛ كابن مسعود وابن عمر، إمَّا أن يكونوا قالوا هذا لأن الأحاديث التي فيها الأمر بالسكينة والطمأنينة حال المشي إلى الصلاة لم تبلغهم، أو لأنهم رأوا أن آيات الحث على الإسراع في العبادة أولى بالعمل.
ووجه آخر ذُكر للجمع، وهو أنهم قالوا بالإسراع في المشي للصلاة في حالة مخصوصة، وهي إذا خاف أن تفوته التكبيرة الأولى.
قال الشيرازي: "ويُستحب لمن قصد الجماعة أن يمشي إليها، وعليه السكينة والوقار، وقال أبو إسحاق: إن خاف فوت التكبيرة الأولى أسرع؛ لما روي أن عبد اللَّه بن مسعود اشتد إلى الصلاة، وقال: بادروا حَدَّ الصلاة، يعنى: التكبيرة الأولى". انظر: "المهذب في فقه الإمام الشافعي" (١/ ١٧٨).
(٢) من ذلك ما أخرجه أبو داود (٢٨٩٤)، وغيره، عن قَبيصةَ بن ذُؤيبٍ، أنه قال: "جاءتِ الجَدَّةُ إلى أبي بكر الصديق تسأُله ميراثَها، فقال: ما لَكِ فى كتاب اللَّه تعالى شيءٌ، وما علمتُ لك في سنةِ نبيِّ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا، فارجعي حتى أَسألَ الناسَ، فسألَ الناسَ، فقال المغيرةُ بن شعبةَ: حضرتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطاها السُّدسَ، فقال أبو بكرٍ: هل معك غيرُك؟ فقام محمدُ بن مَسْلمةَ، فقال مثل ما قال المغيرةُ بن شعبة، فأنفَذَه لها أبو بكرٍ"، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود - الأم" (٤٩٧).
(٣) أخرج البخاري (٦٢٤٥)، واللفظ له، ومسلم (٢١٥٣/ ٣٤)، عن أبي سعيد الخدري، قال: "كنت في مجلس من مجالس الأنصار، إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثًا، فلم يؤذن لي فرجعتُ، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت =

<<  <  ج: ص:  >  >>