للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَكَرِهَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ (١).

وَفَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الجَمَاعَةِ وَالوَاحِدِ، فَكَرِهَهُ لِلْوَاحِدِ، وَأَجَازَهُ لِلْجَمَاعَةِ) (٢).

فالشافعية كرهوا ذلك إذا كانت هناك مسافة يَبعُد فيها المأموم عن الإمام، أمَّا إن كانت المسافة قريبة فلم يكره الشافعي ذلك (٣).

وعند الحنفية تفصيل: أنَّه إذا كانوا جماعة خروجًا من الحديث الذي ورد فيه النَّهي عن صلاة الفرد خلف الصف، لكن إذا كانوا جماعة؛ يعني اثنان فأكثر، قالوا: فذلك لم يرد، فلا مانع في هذه الصورة (٤).


(١) انظر: "أسنى المطالب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٢٢٣)، حيث قال: " (فصل: يُكره للمأموم الانفراد) عن الصف؛ لخبر البخاري عن أبي بكرة أنه دخل والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك له -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "زادك اللَّه حرصًا، ولا تَعُدْ"".
(٢) سبق أن ذكرنا أنَّ مذهب الأحناف هو كراهة ذلك للمنفرد لا للجماعة. ولم نذكر ما يدل على أنهم أجازوا ذلك للجماعة.
انظر: "المعتصر من المختصر" للملطي (١/ ٤٦) وفيه قال: "لا يقال: قد صح عن زيد بن ثابت أنه دخل المسجد والناس ركوع، فكبر وركع، ثم دب وهو راكع حتى وصل الصف، لأنا نقول: المكروه فِعل ذلك للواحد لا للجماعة؛ لأن الواحد بذلك كالمصلي وحده في صف، وهو فاسد عند بعض، وجائز مكروه على الصحيح، ويؤيد ما روي عن ابن مسعود ركوعه دون الصف مع غيره، قال طارق: "كنا مع ابن مسعود جلوسًا، فبلغه خبر الإقامة، فقام وقمنا، فدخلنا المسجد والناس في الركوع، فكبر وركع ومشى، وفعلنا مثل ما فعل"، فيحتمل أن زيدًا فعل ما فعل وقد كان معه غيره، فكان بذلك جماعة".
(٣) ما ذكره الشارح من التفريق بين ما إذا كانت المسافة قريبة أو بعيدة، هذا التفريق عند المالكية لا عند الشافعية، كما سبق. أما التفريق بين القرب والبعد عند الشافعية فهي في مسألة اتصال الصفوف بالإمام كما سبق، حيث قالوا: إن كانت المسافة بين الصفوف وبين الإمام أو بينها وبين آخر صَفٍّ مع الإمام بعيدة لم تَصح صلاتهم، وإن كانت مسافة قريبة صَحَّت صلاتهم، وقدروا المسافة القريبة بثلاثمائة ذراع، والبعيدة ما زاد على ذلك.
(٤) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>