للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا فِي القُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَلِذَلِكَ لَيْسَ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَدِلَّةِ الخِطَابِ أَقْوَى مِنْ بَعْضِ أَدِلَّةِ العُمُومِ) (١).

وَجْه قوة العموم على دليل الخطاب: أن العمومَ منطوقٌ به، ودليل الخطاب مفهوم، والمنطوق أقوى من المفهوم. وقيل: دليل الخطاب أخص من العموم، وأقوى في الدلالة منه، ولذلك يصلح لتخصيص العام.

* قوله: (فَالمَسْأَلةُ -لَعَمْرِي- اجْتِهَادِيَّةٌ: أَعْنِي: فِي المَأْمُومِ).

هي اجتهاديَّةٌ؛ لأنَّ الأدلَّة فيها ظَنيَّةٌ، وليست قطعيَّةً.

* قوله: (وَأَمَّا المَسْأَلةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ صَلَاةُ القَائِمِ خَلْفَ القَاعِدِ؛ فَإِنَّ حَاصِلَ القَوْلِ فِيهَا أَنَّ العُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلصَّحِيحِ أَنْ يُصَلِّيَ فَرْضًا قَاعِدًا إِذَا كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إِمَامًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] (٢)).

أَجْمعت الأمة على أن القيام في صلاة الفرض واجب على كل صحيح قادر عليه، منفردًا كان أو إمامًا.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَانَ المَأْمُومُ صَحِيحًا، فَصَلَّى خَلْفَ إِمَامٍ


(١) قال الآمدي: "لا نعرف خلافًا بين القائلين بالعموم والمفهوم أنه يجوز تخصيص العموم بالمفهوم، وسواء كان من قبيل مفهوم الموافقة، أو من قبيل مفهوم المخالفة، فلو وَرَد نصٌّ عامٌّ يدل على وجوب الزكاة في الأنعام كلها، ثم ورد قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "في الغنم السائمة زكاة"، فإنه يكون مخصصًا للعموم بإخراج معلوفة الغنم عن وجوب الزكاة بمفهومه، وإنما كان كذلك؛ لأن كل واحدٍ من المفهومين دليل شرعي، وهو خاصٌّ في مورده، فَوَجب أن يكون مخصصًا للعموم؛ لترجح دلَالة الخاص على دلالة العام، كما سبق تقريره". انظر: "الإحكام في أصول الأحكام" (٢/ ٣٢٨).
(٢) انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع"، لابن القطان (١/ ١٤٨)، وفيه قال: "وجمهور العلماء يقولون: لا يجوز لأحدٍ أن يُصلِّي قاعدًا وهو قادر على القيام وحده، ولا خلف إمام".

<<  <  ج: ص:  >  >>