للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّاهِرِ (١)، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَغَيْرُهُمْ (٢). وَزَادَ هَؤُلَاءِ فَقَالُوا: يُصَلُّونَ وَرَاءَهُ قِيَامًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْوَى عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، بَلْ يُومِئُ إِيمَاءً (٣).


= وبأحدب)، أي: لا يفسد اقتداء قائم بقاعد وبأحدب، أما الأول فهو قولهما، وحَكَمَ مُحمَّدٌ بالفساد؛ نظرًا إلى أنه بناء القوي على الضعيف. ولهما: اقتداء الناس بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرض موته وهو قاعدٌ وهم قيامٌ، وهو آخر أحواله، فتَعيَّن العمل به بناءً على أنه -عليه الصلاة والسلام- كان إمامًا، وأبو بكر مُبَلِّغًا للناس تكبيره".
(١) ذكر ابن حزم أن مذهب أهل الظاهر أنَّ مَنْ صلى بالناس قعودًا، قَعَد من خلفه، وَحَكَاه عن داود.
فقال: "وأما صلاة الفرض، فلا يَحلُّ لأحدٍ أن يُصلِّيها إلا واقفًا إلا لعذرٍ من مرضٍ، أو خوفٍ من عدوٍّ ظالم، أو من حيوانٍ، أو نحو ذلك؛ أو ضعف عن القيام؛ كمَنْ كان في سفينة، أو مَنْ صلى مؤتمًّا بإمام مريض، أو معذور، فصلى قاعدًا، فإن هؤلاء يصلون قعودًا؛ فإن لم يقدر الإمام على القعود ولا القيام صَلَّى مضطجعًا، وصلوا كلهم خلفه مضطجعين ولا بد. قال أبو سُلَيمان وأَصْحَابنا: يؤم المريض قاعدًا: الأصحاءَ، ولا يُصلُّون وراءه إلا قُعُودًا كلهم، ولا بد؟ قال عليٌّ: وبهذا نأخذ إلا فيمَنْ يصلي إلى جَنْب الإمام يُذكِّر الناس، ويُعلِّمهم تكبير الإمام؛ فإنه مُخيَّرٌ بين أن يصلي قاعدًا، وبين أن يصلي قائمًا". انظر: "المحلى بالآثار" (٢/ ١٠٣).
(٢) انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء"، لابن المنذر (٢/ ١٤٤)، حيث قال: "وقالت طائفةٌ: يُصَلُّون قيامًا؛ يُصَلِّي كل واحد فرضه، هذا قول الشافعي، وأبي ثور. وقال سفيان الثوري: إذا كانوا جلوسًا يجزيه، ولا يجزيهم".
(٣) يقصد أن هذا الفريق قالوا: إنَّ المأموم يصلي قائمًا خلف إمامه القاعد، وكذا الَّذي لا يقوى على الركوع والسجود، بَل والذي لا يستطيع أن يصلِّي إلا إيماءً. وهذ الكلام لا يَتنزَّل على الظاهرية؛ فقد سَبَق أن مذهبهم: أن المأمومين يتبعون إمامهم في هيئته، فإن صلى قاعدًا صلوا قعودًا، بل لو صلَّى مضطجعًا، فإن مَنْ خلفه يُصلون مضطجعين مثله، وكذا لا يتنزَّل على الأحناف؛ لأنَّ القياس عندهم أن حال المأموم لا بد أن تساوي حال الإمام، واستثنوا إمامة القاعد للقائمين بالنص، وعَلَيه فتجوز عندهم إمامة المضطجع للمضطجع، ومن يومئ لمن كان حاله مثله، أما إذا أمَّ مَنْ صلى إيماءً قاعدين أو قائمين، أجزأته صلاته، ولم تجزئ صلاة الآخرين.
انظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي"، للمرغيناني (١/ ٥٨، ٥٩)، وفيه قال: "ويُصلِّي القائم خلف القاعد، وقال محمد رحمه اللَّه تعالى: لا يجوز، وهو القياس؛ لقوة حال القائم، ونحن تركناه بالنص، وهو ما روي أن النَّبيَّ -عليه الصلاة والسلام- صلى آخر صلاته قاعدًا والقوم خلفه قيام، ويصلي المومئ خلف مثله، لاستوائهما في الحال إلا أن يومئ المؤتم قاعدًا والإمام مضطجعًا؛ لأن القعود معتبر، فتثبت به =

<<  <  ج: ص:  >  >>