للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَى ابْنُ القَاسِمِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إمَامَةُ القَاعِدِ، وَأَنَّهُ إِنْ صَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا أَوْ قُعُودًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ (١)، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ الصَّلَاةَ فِي الوَقْتِ (٢)، وَهَذَا إِنَّمَا عَلَى الكَرَاهَةِ لَا عَلَى المَنْعِ، وَالأَوَّلُ هُوَ المَشْهُورُ عَنْهُ) (٣).

اختلفوا في المأموم الصحيح يصلي قاعدًا خلف إمام مريض لا يستطيع القيام: فأجازت ذلك طائفةٌ من أهل العلم، بل جمهورهم؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في الإمام: "وإذا صلى جالسًا، فصلوا جلوسًا أجمعون".

وأجاز طائفةٌ من العلماء صلاة القائم خلف الإمام المريض؛ لأن كلًّا يؤدي فرضه على قدر طاقته تأسِّيًا برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ إذ صلى في مرضه الذي توفي فيه قاعدًا، وأبو بكر إلى جنبه قائمًا يُصلِّي بصلاته، والناس قيام خلفه، ولم يُشِرْ إلى أبي بكرٍ، ولا إليهم بالجلوس، وأكمل صلاته بهم


= القوة، ولا يُصلِّي الذي يركع ويسجد خلف المومئ؛ لأن حال المقتدي أقوى، وفيه خلاف زفر رحمه اللَّه تعالى". وانظر: "الأصل"، للشيباني (١/ ١٨٩).
(١) قال ابن عبد البر: "وقال ابن القاسم: لا يأتم القائم بالجالس في فريضةٍ ولا نافلةٍ، ولا بأس أن يأتم الجالس بالقائم. قال: ولا ينبغي لأحد أن يؤم أحدًا في فريضةٍ ولا نافلةٍ قاعدًا، فإن عرض له ما يمنعه من القيام استخلف. واحتح ابن القاسم في ذلك بأن قال: حدثني مالك، عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج وهو مريض، وأبو بكر يصلي بالناس؛ فجلس إلى جنب أبي بكر، فكان أبو بكر هو الإمام، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي بصلاة أبي بكر". قال ابن القاسم: قال مالك: والعمل عندنا على حديث ربيعة هذا، وهو أحبُّ إليَّ. قال سحنون: بهذا الحديث يأخذ ابنُ القاسم". انظر: "الاستذكار" (٢/ ١٧٣).
(٢) انظر: "عيون المسائل"، للقاضي عبد الوهاب (ص ١٣٥)، وفيه قال: "قال مالكٌ: القادر على القيام لا يأتم بمَنْ لا يقدر على القيام قاعدًا، فإن صلَّى خلفه أعاد في الوقت. وقال مطرف وابن الماجشون: يعيد أبدًا".
(٣) انظر: "شرح التلقين"، للمازري (١/ ٦٧٦)، وفيه قال: "وإذا ائتم القائم بالجالس، أعاد المؤتم وإن ذهب الوقت. وعند أبن الجلاب: يعيد في الوقت؛ لأنه يَرَى إمامة الجالس مكروهةً، والكراهة لا تقتضي الإعادة بعد الوقت".

<<  <  ج: ص:  >  >>