للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ" (١)، فَذَهَبَ النَّاسُ فِي هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ مَذْهَبَيْنِ، مَذْهَبَ النَّسْخِ).

النسخ هو: خطاب يدلُّ على ارتفاع الحكم الثابت بخطاب متقدم على وجهٍ لَوْلاه لكان ثابتًا مع تَرَاخيه عنه (٢).

* قوله: (وَمَذْهَبَ التَّرْجِيحِ (٣)، فَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ النَّسْخِ؛ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَهُوَ "أَنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- كَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مُسْمِعًا"؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِمَامَانِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ النَّاسَ كَانُوا قِيَامًا، وَأَنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- كَانَ جَالِسًا، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ فِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، إِذْ كَانَ آخِرُ فِعْلِهِ نَاسِخًا لِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ المُتَقَدِّمِ (٤). وَأَمَّا


(١) أخرجه البخاري (٦٨٣)، ومسلم (٤١٨/ ٩٧).
(٢) قال الآمدي: "النسخ في اللغة: قد يُطْلق بمَعْنى الإزالة، ومنه يُقَال: نسخت الشمسُ الظِّلَّ، أي: أزالته، ونسخت الريح أثر المشي، أي: أزالته، ونسخ الشَّيب الشباب إذا أزاله، ومنه: تناسخ القرون والأزمنة، وقد يُطْلق بمعنى: نقل الشيء وتحويله من حالةٍ إلى حالةٍ مع بقائِهِ في نفسه.
أما اصطلاحًا فهو: الخطاب الدَّال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجهٍ لولاه لكان ثابتًا مع تراخيه عنه". انظر: "الإحكام في أصول الأحكام" (٣/ ١٠٢ - ١٠٥).
(٣) انظر: "شرح التلقين" (١/ ٦٧٥).
(٤) معنى هذا الكلام: أن بعض المالكية الذين قالوا بجَوَاز إمامة القاعد رَدُّوا على حديث أنسٍ وحديث عائشة الَّتي فيها الاقتداء بالإمام في هيئته قيامًا وجلوسًا، فقالوا: نُسِخَ هذا بفعله -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ إمامتِهِ للناس حال قُعُوده، كَمَا في حديث عائشة، وهَذَا كان في مرضه الأخير.
قال القاضي عياض: "وعندنا قَوْلان في صحة إمامة الجالس لعذرٍ بالقيام:
أحدهما: إجَازة ذلك؛ تعلقًا بإمامة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الناس في مرضه الَّذي مات فيه على أحد التأويلين أنه الإمام دون الصّدِّيق. =

<<  <  ج: ص:  >  >>