للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَكَانِ عَدَمِ الطَّهَارَةِ، وَهُوَ أيضًا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِهِ في أَنَّ صَلَاةَ المَأْمُومِ غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ بِصَلَاةِ الإِمَامِ).

وَجْهُه ما روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أحرَم بأصحابه، ثمَّ ذكر أنه جُنُبٌ، فقال لهم: "كُونُوا كَمَا أنتم"، ودخل واغتسل وخرج، ورأسه يَقطر ماءً، واستأنف الإحرام، وبَنى القوم على إحرَامهم، فلمَّا سبقوه بالإحرام، ولم يَأْمرهم باستئنافه، وقد خرجوا بالجنابة من إمامته، دلَّ على صحة صلاة المأموم إذا سبق الإمام ببعض صلاته، ولأنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- استخلف أبا بكرٍ -رضي اللَّه عنه- على الصلاة، فأحرمَ بهم، ثم وجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خِفَةً؛ فتقدم وتأخر أبو بكرٍ -رضي اللَّه عنه-، وصلى الناس خلف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد سبقوه بالإحرام.

* قوله: (وَالحَدِيثُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْر: هَلِ اسْتَأْنَفُوا التَّكْبِيرَ أَوْ لَمْ يَسْتَأْنِفُوهُ؟ فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَحَدِهِمَا إِلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَالأَصْلُ: هُوَ الاتِّبَاعُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الإِمَامُ؛ إِمَّا بِالتَّكْبِيرِ، وَإِمَّا بِافْتِتَاحِهِ، وَأَمَّا مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ، فَإِنَّ الجُمْهُورَ يَرَوْنَ أَنَّهُ أَسَاءَ، وَلَكِنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ فَيَتْبَعَ الإِمَامَ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إلى أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ؛ لِلْوَعِيدِ الَّذِي جَاءَ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "أَمَا يَخَافُ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ"؟ (١)).

اختلَف الفُقَهاء في صلاة مَنْ سبق إمامه في الصلاة:

فَذَهبَ الأحناف إلى أن: المأموم إذا سبق إمامه بأَنْ ركع قبله أو رفع، وشاركه الإمام فيه، صَحَّت صلاتُهُ وإلا كانت باطلةً (٢).


(١) أخرجه بهذا اللفظ مسلم (٤٢٧/ ١١٤) عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري (٦٩١)، بلفظ: "أَمَا يَحشى أحدُكُم -أو: لا يخشى أحدكم- إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل اللَّهُ رأسه رأس حمار، أو يجعل اللَّه صورته صورة حمار".
(٢) انظر: "منحة السلوك"، للعيني (ص ١٥٧، ١٥٨)، وفيه قال: " (ويُكْره سبقه الإمام)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>