للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقرأ المأموم في السِّريَّة بالفاتحة وغيرها من القرآن، ويقرأ في الجهريَّة بالفاتحة فقط.

* قَوْلُه: (وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يَسْمَعَ أَوْ لَا يَسْمَعَ هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ) (١).

مَذْهَب الحَنابلة: أنه يسنُّ للمأموم أن يقرأ الفاتحة في السريَّة، وكَذَا في الجهرية في سكَتات الإمام، وكَذلك إذا كان لا يَسمع الإمام لِبُعْدِهِ.

* قَوْلُه: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: اخْتِلَافُ الأَحَادِيثِ فِي هَذَا البَابِ، وَبِنَاءُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ؛ أَحَدُهَا: قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ" (٢)، وَمَا وَرَدَ مِنَ الَأحَادِيثِ فِي هَذَا المَعْنَى، مِمَّا قد ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ (وُجُوبِ القِرَاءَةِ). وَالثَّانِي: مَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالقِرَاءَةِ، فَقَالَ: "هَلْ قَرَأَ مَعِي مِنْكُمْ أَحَدٌ آنِفًا؟ "، فَقَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ، أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "إِنِّي أَقُولُ: مَا لِي أُنَازَعُ القُرْآنَ! "، فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ القِرَاءَةِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣).


(١) انظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (١/ ٤٦٣، ٤٦٤)، وفيه قال: " (وتُسَن قراءته)، أي: المأموم (الفاتحة في سكتات الإمام، ولو) كان سكوته (لتنفس)، نقله ابن هانئ، (ولا يضر تفريقها)، أي: الفاتحة. (و) تُسَن قراءته (فيما لا يجهر) الإمام (فيه). (أو لا يسمعه)، أي: يُسَن للمأموم أن يقرأ إذا كان لا يسمع الإمام؛ (لبُعْده)؛ لأنه غير سامع لقراءته أشبه حال سكتاته والصلاة السرية، (فَإِنْ لم يكن للإمام سكتات يتمكن) المأموم (فيها من القراءة، كره له أن يقرأ نصًّا)؛ لما تقدم. (و) يقرأ المأموم ندبًا (مع الفاتحة سورة في أُولَتَيْ ظهر وعصر)، (فإن سمع) المأموم (قراءة الإمام كرهت له القراءة) للفاتحة والسورة، (فلو سمع) المأموم (هَمهمته، ولم يفهم ما يقول) الإمام (لم يقرأ)؛ لأنه سامع لقراءة إمامه".
(٢) أخرجه البخاري (٧٥٦)، ومسلم (٣٩٤/ ٣٤)، عن عُبَادة بْن الصَّامت أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا صَلاةَ لمَنْ لم يقرأ بفاتحة الكتاب".
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٨٦)، وكذا أخرجه أبو داود (٨٢٦)، وغيره، وصححه الأَلْبَانيُّ في "مشكاة المصابيح" (٨٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>