للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّوابُ: أنَّ النداء الثالث هو الإقامة، وإنَّما هما أذانان؛ الأذان المعروف إذا جلس الإمام على المنبر، والأذان الذي يسبقه الذي اجتهده عثمان -رضي اللَّه عنه- (١).

* قوله: (فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلى أَنَّهُ يُؤَذِّنُ بَيْنَ يَدَيِ الإِمام مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ فَقَطْ، وَهُوَ الَّذِي يَحْرُمُ بِهِ البَيْعُ وَالشِّرَاءُ. وَقَالَ آخَرُونَ: يَلْ يُؤَذِّنُ اثْنَانِ فَقَطْ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ إِنَّمَا يُؤَذِّنُ ثَلَاثَةٌ).

"يَحرم به البيعُ والشِّراء"، يُقصد به ما أشارت إليه الآية: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}؛ قال العلماءُ: فيه دليل على وجوب السَّعي في هذا الوقت (٢)، وفيه دليل على تحريم البيع في هذا الوقت، والمقصود بذلك: كل ما يشغل عن الصلاة؛ فلا ينبغي الانشغال به، واللَّه تعالى يقول: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، و"ذِكر اللَّه" هنا: هو الخُطبة، وبذلك فسَّرَها جماهير العلماء (٣)،


= "المجموعة": إن هشام بن عبد الملك هو الذي أحدث الأذان بين يديه، وإنما الأذان على المنار واحدًا بعد واحد إذا جلس الإمام على المنبر".
(١) قال ابن بطال في بيان ذلك: "فإن قال قائل: فإن كان مؤذنًا واحدًا على ما روى الزهري عن السائب، فما معنى قوله في آخر الحديث: "فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزَّوراء"، وهذا يدل أن ثَمَّ أذانًا ثانيًا، وآخر الحديث مخالف لأوله. قيل: لا اختلاف فيه ولا تناقض، وإنما كان يؤذن المؤذن، ثم يقيم، والإقامة تسمى أذانًا، وقد بين ذلك ابن أبي شيبة في "مصنفه"، عن السائب: "أن النداء كان أوله على عهد النبي -عليه السلام- وأبى بكر وعمر إذا خرج الإمام، وإذا قامت الصلاة، حتى إذا كان زمن عثمان وكثر الناس فزاد النداء الثالث على الزَّوراء، فثبت حتى الساعة"، فبان بهذا الحديث أن الأذان الثاني المتوهم في حديث السائب إنما يعنى به: الإقامة". انظر: "شرح صحيح البخاري" (٢/ ٥٠٤).
(٢) انظر: "الأوسط"، لابن المنذر (٤/ ١١٤)، وفيه قال: "فظاهر هذه الآية توجب السعي إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة في كل وقت وزمان، ليس لأحد أن يستثني وقتًا دون وقت، ولا إمامًا دون إمام إلا بحجة".
(٣) قال ابن القطان: "وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، أجمعوا أن الذكر هاهنا: الصلاة والخُطبة". انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (١/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>