وانظر في مذهب المالكية: "التبصرة"، للخمي (٢/ ٥٨٢، ٥٨٣)، وفيه قال: "والقول بوجوبها دون الطهارة لها أحسن؛ لقول اللَّه -عز وجل- {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] الآيتان، ودليل وجوبها من وجوه: أحدها: تحريم البيع حين النداء، فلو كانت غير واجبة لم يحرم البيع إلا عند الدخول في الصلاة. والثاني: قوله سبحانه: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، وأول الذكر في الجمعة الخُطبة، فكان محموله على أول ذِكر يكون بعد النداء، وهي الخطبة، إلا أن يقوم دليل أن المراد الذكر الثاني، وهو ما يكون في الصلاة. والثالث: أن الأحاديث الصحاح وردت أن السبب في نزول الآية كان في الذين فَرُّوا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو قائم يخطب لِعِير قَدِمت من الشام، فنزل ذَمُّهم بذلك، والذم يكون لترك واجب". وانظر في مذهب الشافعية: "فتح الوهاب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٩٢)، وفيه قال: " (وحرم على من تلزمه) الجمعة (اشتغال بنحو بيع) من عقود وصنائع وغيرها مما فيه تشاغل عن السعي إلى الجمعة (بعد شروع في أذان خطبة)؛ قال تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}، أي: اتركوه، والأمر للوجوب، فيحرم الفعل، وقيس بالبيع غيره مما ذكر، وتقييد الأذان بما ذكر؛ لأنه الذي كان في عهده -صلى اللَّه عليه وسلم-، فانصرف النداء في الاية إليه، وحرمة ما ذكر في حق من جلس له في غير المسجد". وانظر في مذهب الحنابلة: "كشاف القناع"، للبهوتي (٣/ ١٨٠)، وفيه قال: " (ولا يصح البيع ولا الشراء؛ قليله وكثيره)، قال في "المبدع": حتى شرب الماء إلا لحاجة كمضطر (ممن تلزمه الجمعة، ولو كان) الذي تلزمه الجمعة (أحد العاقدين) والآخر لا تلزمه، (وكره) البيع والشراء (للآخر) الذي لا تلزمه؛ لما فيه من الإعانة على الإثم، (أو) كان (وجد أحد شقي البيع) من إيجاب أو قبول ممن تلزمه (بعد الشروع في ندائها)، أي: آذان الجمعة (الثاني الذي عند الخطبة)؛ لقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]، فنهى =