للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ عُثْمَانَ وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ: أَنَّ النِّدَاءَ الثَّانِيَ هُوَ الإِقَامَةُ (١). وَأَخَذَ آخَرُونَ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ (٢)، وَأَحَادِيثُ ابْنِ حَبِيبٍ عِنْدَ أَهْلِ الحَدِيثِ ضَعِيفَةٌ، وَلَا سِيَّمَا فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ) (٣).


(١) ذكره ابن عبد البر عن مالك، انظر: "الاستذكار" (٢/ ٢٧). قال: "واختلف الفقهاء هل يؤذن بين يدي الإمام مؤذن واحد أو مؤذنون؟ فذكر ابن عبد الحكم عن مالك قال: إذا جلس الإمام على المنبر ونادى المنادي مُنع الناس من البيع تلك الساعة. وهذا يدل على أن النداء عنده واحد بين يدي الإمام، ويشهد لهذا حديث ابن شهاب عن السائب بن يزيد: أنه لم يكن لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا مؤذن واحد، وهذا يحتمل أن يكون أراد بلالًا المواظب على الأذان دون ابن أم مكتوم وغيره".
وهو مذهب الشافعية. انظر: "البيان"، للعمراني (٢/ ٨٨)، وفيه قال: "قال المحاملي: قال الشافعي: (وأُحب أن يؤذن للجمعة أذانًا واحدًا عند المنبر؛ لما روى السائب بن يزيد، قال: "كان الأذان على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر وعمر -إذا جلس الإمام على المنبر- أذانًا واحدًا، فلما كان في زمن عثمان، وكثر الناس أمر بالأذان الثاني، فأذن به، فكان يؤذن به على الزوراء لأهل السوق والناس". قال الشافعي: (وأحب ما كان يفعل على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر وعمر). ويستحب أن يكون المؤذن واحدًا؛ لأنه لم يكن يؤذن يوم الجمعة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا بلال". وانظر: "نهاية المحتاج"، للرملي (٢/ ٣٢٥).
(٢) هو أبو مروان؛ عبد الملك بن حبيب، صاحب الواضحة، سمع من ابن الماجشون ومطرف. انظر ترجمته في "ترتيب المدارك وتقريب المسالك"، للقاضي عياض (٤/ ١٢٢، ١٢٣).
وهو قول لمالك. انظر: "مناهج التحصيل"، للرجراجي (١/ ٥٣٢، ٥٣٣)، حيث قال: "وذهب آخرون إلى أن الأذان إنما يكون على المنار؛ يُؤذن واحد بعد واحد، وهو مذهب مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو الذي روى ابن حبيب أنَّ المؤذنين كانوا يوم الجمعة على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثة".
(٣) قال الحافظ ابن حَجَر: "عبد الملك بن حبيب القرطبي، أحد الأئمة، ومصنف "الواضحة": كثير الوهم، صحفي. وكان ابن حزم يقول: ليس بثقة، وقال الحافظ أبو بكر بن سيد الناس: في "تاريخ أحمد بن سعيد الصدفي" توهية عبد الملك بن حبيب، وأنه صحفي لا يدري الحديث. وقال أبو بكر: وضعفه غير واحد، ثم قال: وبعضهم اتهمه بالكذب. قال ابن حزم: روايته ساقطة مُطَّرَحة". انظر: "لسان الميزان" (٤/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>