للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَطْ، وَمِنْهَا مَا يَجْمَعُ الأَمريْنِ جَمِيعًا؛ (أَعْنِي: أَنَّهَا شُرُوطُ وُجُوبٍ وَشُرُوطُ صِحَّةٍ (١)).

* قوله: (وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي: وَهُوَ الاسْتِيطَانُ (٢)).

فيما يتعلَّق بالاستيطان، معلوم أنَّ النَّاسَ يختلفون في سُكناهم، فهناك من يسكن المدن، وتختلف اتِّساعًا، وأقل من ذلك الاتساع زيادة سُكان وما ينقص عن ذلك، وأيضًا من ذلك القرى، إذًا هناك مدن يسكنها الناس، وهي التي تعرف بالأمصار، كذلك هناك من يَقطن (٣) في القرى، وهناك العرب الرُّحَّل الذين يسكنون في خيام يتتبعون القَطْر، فإنَّهم يتنقلون من مكان إلى مكان، فتراهم إمَّا صيفًا أو شتاءً، يُقيمون خيامهم المعروفة؛ سواء كانت من الشعر أو غيره، فمتى ما وجدوا مواضع القطر العُشب نزلوا عندها؛ لترعى من ذلك أنعامهم، فإذا ما قل ذلك تتبعوا مواقع المطر، وحَلَّوا هناك.


= تكون الجمعة إلا به، أما اعتباره شرط وجوب فيظهر في اختلافهم في حَدِّ الواجب فيها ما بين ثلاثين وأربعين وخمسين، ومنهم من لم يحد عددًا، بل يصدق على كل قرية بيوتها متصلة وأهلها مستوطنون بها. أما اعتبار الجماعة شرط صحة فيظهر في اختلافهم في أقل الجمع الذي به تجزئ الصلاة ما بين اثنين وثلاثة وأربعة وخمسة وسبعة. وكل هذا قد سبق.
(١) ذكر الرجراجي الفرق بينهما، فقال: "والفرق بين شرائط الوجوب، وشرائط الصحة: أن شرط الوجوب لا يجب على المكلَّف السعي في حصوله؛ ليتعين عليه الوجوب، ولا يكون مأثومًا بترك ذلك. . فكذلك لا يجب على أهل محلة أن يتآلفوا؛ ليحصل فيهم عدد تقام به الجمعة. وأما شرائط الصحة فإنها تتعين بعد حصول شرائط الوجوب؛ فإذا حصل الإمام والجماعة والاستيطان وجب على أهل المحلة أن يَبنوا المسجد على القول بأنه من شرائط الصحة، فإن تركوا بناءه صاروا مأثومين بترك الواجب". انظر: "مناهج التحصيل" (١/ ٥٣١، ٥٣٢).
(٢) استوطن الموضعَ: أي: اتخذه وطنًا. انظر: "شمس العلوم"، للحميري (١١/ ٧٢١١).
(٣) قطن فلان بالمكان: إذا أوطنه وأقام به. يقطن قطنًا فهو قاطن وقطن. انظر: "غريب الحديث"، لابن قتيبة (٢/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>