(٢) ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم اشتراط المِصر، وأنه تصح الجمعة في القرى طالما بلغوا العدد الذي تنعقد به الجماعة، وخالف الأحناف فاشترطوا أن تكون بالمدن والأمصار، وهو قول النخعي والحسن وابن سيرين. انظر في مذهب الأحناف: "التجريد"، للقدوري (٢/ ٩١٩، ٩٢٠)، وفيه قال: "قال أصحابنا: لا يجوز إفامة الجمعة في القرى؛ لما روى سعيد بن المسيب، عن علي -رضي اللَّه عنه-، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا جُمعة ولا تشريق ولا فِطر ولا أَضحى إلا في مِصر جامع"، وروى سراقة بن مالك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثله. ولا يقال: إنه موقوف على عليٍّ؛ لأنه روي مرفوعًا وموقوفًا، ذكره محمد في "الجامع". وذكره أبو يوسف في الأصل مسندًا مرفوعًا. وقد روي ذلك عن عليٍّ وعن حذيفة أنه قال: ليس على أهل القرى جمعة، وإنما الجمعة على أهل الأمصار من المدائن. وتخصيص العبادات بمكان دون مكان لا يُعلم إلا من طريق التوقيف". وانظر في مذهب المالكية: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (١/ ٣١٧، ٣١٨)، حيث قال: "تجب الجمعة على أهل القرى والسواد خلافًا لأبي حنيفة، لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الجمعة على كل مسلم". وقال ابن عباس: "إن أول جمعة جُمعت في الإسلام بعد جمعة مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لجمعة جُمعت بجواثاء؛ قرية من قرى البحرين"، ولأن كل عبادة لزمت أهل المِصر لزمت أهل القرى والسواد، كسائر العبادات واعتبارًا بالمِصر بعلة أتصال البنيان، وأنه يستوطنه عدد معقود بهم الجمعة". وانظر: "التاج والإكليل"، لمواق (٢/ ٥١٩). وانظر في مذهب الشافعية: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٢/ ٤٠٧)، وفيه قال: "فأما المكان: فمذهبنا أنها تنعقد في الأمصار، والقرى إذا كانت القرية مجتمعة البناء، وكان لها عدد تنعقد به الجمعة، وهم أربعون لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفًا إلا =