للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلاف في ذلك (١).

وبهذا نتبين أنَّ العلماء مختلفون فيما يتعلَّق بوجوب الجمعة على أهل القرية، هم متفقون على وجوبها على أهل المدن، ومتفقون على أنَّها لا تجب على الرُّحَّل، لكنَّهم يختلفون في وجوبها على أهل القرى.

والصحيح من مذاهب العلماء؛ وهو مذهب الجمهور: أنَّها تجب على أهل القرى؛ لأنَّ أول جمعة جمع بها بعد جمعة المدينة إنَّما كانت بالبحرين، في قرية معروفة، فقد نُصَّ على أنَّها في قرية (٢).

ويختلف العلماء بعد ذلك في المباني التي تقام فيها، أو تقام عليها القرى، هل يشترط أن تكون -مَثَلًا- من اللَّبِن، أو كما في وقتنا الحاضر من المسلح من الطوب، أو أنَّه يكفي بأن تكون من الجريد، أو من الخشب، أو من القصب، أو مما يشبه ذلك.

وباختصار فهذه القضية اختلف فيها العلماء: فمنهم من يشترط أن تكون من نوع المباني المعروفة التي تعارف الناس عليها.


= ظعن حاجة، وبه قال مِن الصحابة عمر، وابن عمر، وابن عباس". وانظر: "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع"، للشربيني (١/ ١٧٩).
وانظر في مذهب الحنابلة: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٣١٢)، وفيه قال: " (بقرية) مبنية بما جرت العادة به من حَجَر أو آجر، أو لَبِن، أو خشب، أو غيرها، مُقيمين بها صيفًا وشتاءً. وعلم منه: أنه ليس من شروطها المِصر، وأنها لا تصح من أهل الخرك ونحوها".
واشتراط المصر هو قول لبعض التابعين.
انظر: "الأوسط"، لابن المنذر (٤/ ٢٧)، وفيه قال: "عن عليٍّ قال: "لا جمعة ولا تشريق إلا في مِصر جامع"، وبه قال النخعي، وكان الحسن البصري ومحمد بن سيرين يقولان: لا جمعة إلا في مِصر، أو قال: في الأمصار. وقال الحسن: إن عمر مِصر سبعة أمصار. أو قال: مِصر الأمصار سبعة: المدينة، والبحرين، والبصرة، والكوفة، والجزيرة، والشام، ومصر".
(١) أي: الخلاف في العدد الذي به تنعقد الجمعة.
(٢) أخرج البخاري (٨٩٢)، عن ابن عباس: أنه قال: "إنَّ أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين".

<<  <  ج: ص:  >  >>