للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتضي الاستماع، والاستماع يدلُّ على أنه ليس للإنسان إذا ما أنصتَ واستمع أن يتكلم، لأن الكلام سيشغله عن الاستماع إلى الخطبة وعن الاستفادة منها، لكن لو جاء أمرٌ طارئ من الأمور التي ذكرناها، وهي التي قد يقع المسلم بسببها في حرج، فإنه في هذه الحالة يتكلم (١).

وهنا قضية ينبغي أن ننبه عليها، رأينا أن أكثر العلماء يوجبون الاستماع ويحرِّمون الكلام أثناء الخطبة، لكنَّهم كلهم متَّفقُون على أن لو تكلم إنسان لا تفسد صلاته، إذن فالكلام لا يفسد الصلاة، وإن قالوا بوجوب الإنصات (٢).

* قوله: (وَالقَوْلُ الثَّالِثُ: الفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَسْمَعَ الخُطْبَةَ أَوْ لَا يَسْمَعَهَا).

بعض العلماء يقول: إن القصد من الإنصات، فهو لأجل الاستماع، فإذا لم يتحقق فيختلف الحال هنا؛ لأن الإنسان لو تكلَّم وهو يسمع الخطيب فمعنى ذلك أنه انصرف عنه ولم يستفد من الخطبة، لكن لو كانت الحالة في غير الاستماع فلا يتحقق سبب النهي، وهو عدم الاستفادة.


= وانظر في مذهب الشافعية: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٢/ ٤٢٩)، وفيه قال: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}. فإنها نزلت في الخطبة، فسمى الخطبة قرآنًا، لما يتضمنها من القرآن".
وانظر في مذهب الحنابلة: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٣٢٢)، وفيه قال: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}. قال أكثر المفسرين: إنها نزلت في الخطبة".
(١) سبق.
(٢) أي: لا تفسد جمعته. وعليه فقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ومن لغا فلا جمعة له": معناه لا جمعة له في تمام الأجر. قال ابن القطان: "ومن قال: (صه) والإمام يخطب فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له، يريد لا جمعة له في تمام من شاهدها صامتًا؛ لأن فقهاء الأمصار يقولون: جمعته مجزئة، ولا يصلي أربعًا". انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (١/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>