للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: مَنْ لَغَا، فَصَلَاتُهُ ظُهْرٌ أَرْبَعٌ (١)، وَإِنَّمَا صَارَ الجُمْهُورُ لِوُجُوبِ الإِنْصَاتِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ).

ذكر المؤلِّف أدلة الجمهور، وأدلة الجمهور الذين قالوا بوجوب الإنصات والامتناع عن الكلام، منها قول اللَّه تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)} [الأعراف: ٢٠٤]. وكذلك أيضًا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: "إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت" (٢). وقصة أُبَيٍّ مع أبي الدرداء (٣)، فهذه هي أدلة الجمهور.

يبقى بعد ذلك أدلة الفريق الآخر، الذين قالوا بأن الكلام ليس ممنوعًا، وإنما يستحب الإنصات فقط، فهم أيضًا يستدلون بعدة أدلة، ومن هذه الأدلة أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لذاك الرجل الذي دخل المسجد وأخذ


= هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت" رواه البخاري ومسلم، وآخرون، وبمعنى لغوت. قلت: اللغو وهو الكلام الساقط الباطل المردود وقيل معناه: قلة الصواب، وقيل: تكلمت بما لا ينبغي".
وانظر في مذهب المالكية: "شرح الزرقاني على مختصر خليل" (٢/ ١١٦)، وفيه قال: " (ونهى لاغ) بالنطق (وحصبه) رميه بالحصباء زجرًا له عن لغوه لخبره من حرك الحصباء فقط لغا، أي: ومن لغا لا جمعة له كما في خبر آخر، أي: كاملة". وانظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٢/ ٢٢).
وانظر في مذهب الشافعية: "البيان"، للعمراني (٢/ ٥٩٩)، وفيه قال: "إذا تكلم. . لم تبطل جمعته؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يأمر ابن مسعود -لما كلَّم أبيًّا حال الخطبة- بإعادة الجمعة".
وانظر في مذهب الحنابلة: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٤٧)، وفيه قال: " (ويحرم الكلام في الخطبتين والإمام يخطب ولو كان) الإمام (غير عدل) لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} ولقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قال: صه فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له". ومعنى قوله: "لا جمعة له"، أي: كاملة".
(١) انظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٢/ ٢٢)، وفيه قال: "قال ابن وهب من لغا كانت صلاته ظهرًا، يعني: في الفضل".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدمت.

<<  <  ج: ص:  >  >>