للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطبه كلها كانت مواعظ، ودروسًا يستفيد منها المسلمون أو استفاد منها المسلمون في زمنه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ من الصحابة والذين جاؤوا بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي -مع قصرها- تجمع جوامع كلمه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

أما الذين قالوا: إن الإنصات ليس بواجب، فللحديث وقصة الرجلين وقصة الرجل الذي دخل المسجد، والرسول عليه الصلاة والسلام يخطب الناس، فقال له: "أصليت؟ " قال: لا، فقال له: "فقم وصل ركعتين" (١). وفي رواية أُخرى: "إذا دخل أحدكم المسجد والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما" (٢).

والشاهد هنا: "أصليت؟ " قال: لا، قال: "قم فاركع ركعتين" فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد تكلم والرجل أجاب، وأمره الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يصلي، فقالوا: هذه أدلة تدلُّ على أن الإنصات ليس بواجب، وإنما هو مستحب، أما الآية فهي محمولة على الاستحباب، هذا على تسليم أنها خاصة بخطبة الجمعة في الآية. وثمة كلام للعلماء أنها ليست في الخطبة، وإنما عند قراءة القرآن (٣)، وحديث: "إذا قلت لصاحبك: أنصت، يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت"، المراد بالكلام هنا: الكلام الذي لا قيمة له،


(١) أخرجه البخاري (٩٣١)، ومسلم (٨٧٥/ ٥٥)، عن جابر، قال: دخل رجل يوم الجمعة والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب، فقال: "أصليت؟ " قال: لا، قال: "قم فصل ركعتين".
(٢) أخرجه مسلم (٨٧٥/ ٥٩)، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب، فجلس، فقال له: "يا سليك قم فاركع ركعتين، وتجوز فيهما". ثم قال: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما".
(٣) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (١٠/ ٦٦٤)، عن ابن عباس، أنه كان يقول في هذه: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} [الأعراف: ٢٠٥] هذا في المكتوبة. وأما ما كان من قصص أو قراءة بعد ذلك، فإنما هي نافلة. إن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ في صلاة مكتوبة، وقرأ وراءه أصحابه، فخلطوا عليه، قال: فنزل القرآن: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)} [الأعراف: ٢٠٤] فهذا في المكتوبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>