٣ - ومنهم مَنْ قال: إنهما من الوجه، وقد رأيتم أن ذلك قول الزهري.
٤ - ومنهم مَنْ قال: ما أقبلَ منهما من الوجه، وظاهرهما إنما هو من الرأس.
يقولون: نَعَمْ، نحن نقول بأنهم من الرأس، لكن فرقٌ بين أن تقول: من الرأس تأصيلًا، وبين أن يكون تبعًا، فنحن نقول: هما مِنَ الرأس تبعًا، أي أنهما تابعان للرأس، فنحن لما نقول: الأذنان من الرأس تبعًا لا استقلالًا، هكذا يقول الجمهور، وهذا هو جَوابُهُم.
أمَّا مَسْألة تجديد الماء لهما:
نجد أنه وقع خلافٌ في هذه المسألة بين الجمهور، فنجد أن المالكية والحنابلة ظلوا عند رأيهم الأول أنهما من الرأس، وأنه يُجَدَّد لهما الماء، لكن الحنفية يقولون: لا يُجدَّد لهما الماء، وبذلك نجد أن المالكية والحنابلة التَقَوْا مع الشافعية في قضية استحباب تجديد الماء لهما؛ لأن المسألة أصلها ليست لازمةً.
إذًا، هناك خلاف في تحديد تبعية العضوية، وفي تجديد الماء لهما، فالأئمة الثلاثة (أبو حنيفة ومالكٌ وأحمد) يلتقون على أنهما من الرأس، لكن في تجديد الماء لهما ينفرد أبو حنيفة عن المالكية والحنابلة، ويرى أن الماء لا يُجَدَّد، وينضم الشافعي إلى الإمامين مالك وأحمد، فيرون جميعًا أنه يُجَدَّد لهما الماء، الشافعية يرون أن دليلهم صريح في المُدَّعَى، وأن أخذ ماءٍ جديدٍ لهما دليلٌ على أنهما عُضوان مستقلان، والآخرون يَقُولُون: لَا، لَيْسَا عُضْوين مستقلَّين، ودليلنا رَدٌّ على أولئك الَّذين يقولون بأنهما من الرأس؛ لأن أخذ الماء لهما دليل على انفصالهما، وهو ردٌّ على الذين يقولون بأنهما من الوجه؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- مَسَحهما