للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُبيٍّ: "ليس لك من صلاتك إلا ما لغوت" (١). وأيَّد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أبيًّا في ذلك، فتبين في هذا أن الكلام ممنوع، لكن يستثنى من ذلك من كلم الإمام، أو مَن كلَّمه الإمام، أو من تكلَّم لمصلحة لها علاقة بالصلاة، أو أن يرى مسلمًا كاد يقع في خطر فنبَّهه (٢).

قال المصنف رحمه اللَّه تعالى: (المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اخْتَلَفُوا فِيمَنْ جَاءَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالإِمَامُ عَلَى المِنْبَرِ: هَلْ يَرْكَعُ أَمْ لَا؟).

معلوم أن المسجد له تحيَّة، وعامة المساجد إنما تحيَّتها ركعتان، وقد أرشد إلى ذلك الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، وإن بيت اللَّه الحرام إنما تحيته الطواف" (٣).

إذن تحية كلّ مسجد إذا دخل الإنسان أن يؤدي ركعتين، تكريمًا وتعظيمًا وإجلالًا له وقد مرَّ بنا اختلاف العلماء في أداء الصلوات غير المفروضة المقضية، أي: غير المفروضات في أوقات النهي، وأن العلماء قد اختلفوا في ذلك، وقد انتهجنا إلى ترجيح مذهب الشافعية، وهو التفريق بين ذوات الأسباب وغيرها، وأن ما كان من ذوات الأسباب يؤدى في أيِّ


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم.
(٣) الشق الأول من الحديث، أخرجه البخاري (٢/ ٥٧)، عن قتادة بن ربعي الأنصاري -رضي اللَّه عنه-، قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين".
ومسلم (٧١٤/ ٦٩)، عن أبي قتادة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس".
أما بقية الحديث وهو تحية البيت الحرام الطواف، فقد قال العجلوني في "كشف الخفاء" (١/ ٣٤٣): "قال في المقاصد: لم أره بهذا اللفظ، ولكن في الصحيح عن عائشة قالت: أول شيء بدأ به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف. . . الحديث، وفيه أيضًا قول عروة الراوي عنها أنه حجَّ مع ابن الزبير، فأول شيء بدأ به الطواف، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلونه، وترجم عليه البخاري: "باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته ثم صلى ركعتين".

<<  <  ج: ص:  >  >>