للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء يصعب استقصاؤهم (١).

الفريق الثاني: هم المالكية (٢)، والحنفية (٣). قالوا: مَن دخل والإمام يخطب فلا يصلِّي، بل يجلس وليستمع إلى الخطبة؛ لأنه مطالب بالاستماع إلى الإمام، واللَّه تعالى يقول: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} وهذا ذكر، وأيضًا جاء في حديث: "مَن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة فلا صلاة ولا كلام". لكن هذا الحديث ضعيف (٤).

إذن مناط الخلاف بين العلماء، أو علته، هو أن من العلماء مَن يتمسَّك بأن المصلي مطالب بأن يستمع إلى الخطبة، وأن يشتغل بها ولا يشتغل بغيرها، ومن اشتغل بتطوع بنافلة فإنما انصرف عن الخطبة، فتفوته هذه الموعظة التي لا تتكرر، وكما أشرنا من قبل، كم كان المسلمون يقطعون من المسافات؟!

فربما يتحمَّلون المشاق في سبيل الوصول لهذه الموعظة التي تكون


(١) ذكر ابن عبد البر بعضهم، فقال: "وذهب الشافعي، وابن حنبل وإسحاق وأبو ثور وداود والطبري إلى أن كل من دخل المسجد والإمام يخطب أن يركع".
(٢) انظر: "شرح مختصر خليل"، للخرشي (٢/ ٨٩)، وفيه قال: " (ص) وابتداء صلاة بخروجه وإن لداخل (ش) يعني: أن الخطيب إذا خرج على الناس من دار الخطابة، أو من باب المسجد للخطبة فإنه يحرم ابتداء صلاة نفل حينئذ ولو لم يجلس على المنبر ولو لداخل المسجد حين خرج الإمام وهذا حكم النفل".
(٣) انظر: "المبسوط"، للسرخسي (٢/ ٢٩)، وفيه قال: "الإمام إذا خرج فخروجه يقطع الصلاة حتى يكره افتتاحها بعد خروج الإمام وينبغي لمن كان فيها أن يفرغ منها يعني يسلم على رأس الركعتين لحديث ابن مسعود وابن عباس -رضي اللَّه تعالى عنهم- موقوفًا عليهما ومرفوعًا: "إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام".
(٤) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (جـ ١٣، ١٤) (ص: ٧٥)، عن ابن عمر، قال: سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا دخل أحدكم المسجد والإمام على المنبر، فلا صلاة ولا كلام، حتى يفرغ الإمام". وضعفه الألباني في: "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>