للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس هناك خلاف في حقيقة الأمر بين رواية "الصحيحين" وهذه الرواية؛ لأن الرواية الأولى: "إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما" (١). وليس هناك مانع أن تتكرر القضية، والأخرى أنه جاء رجل والرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب فقال له: "أصليت؟ " لما جلس، قال: لا، قال: "قُم فصَلِّ ركعتين" (٢).

ومن الأدلة التي يستدلُّ بها الفريق الآخر أنهم قالوا: دخل رجل فأخذ يتخطى رقاب الناس، فقال له -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اجلس؟ فقد آذيت" قالوا: ولم يأمره بالصلاة (٣). لكن أجيب بأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد كفَّ أذاه؛ لأنه شغل الناس بتخطي رقابهم، فأراد أن يكفَّ أذاه وإن ترك سنة من السنن (٤).

إذن ذاك منع؛ لأن في مروره وتخطيه رقاب الناس أذًى لهم، ولذلك يتكلم العلماء فيمن يرى فرجة في مقدمة الصفوف فيذهب إليها، فهذه


= وقد سبق ذكر رد المالكية من كلام الفاكهاني. أما الأحناف فلهم جوابان. قال العيني: "وأصحابنا أجابوا بجوابين، الأول: أن النبي عليه السلام أنصت له حتى فرغ من صلاته، والدليل عليه ما رواه الدارقطني في "سننه" من حديث عبيد بن محمد العبدي، ثنا معتمر، عن أبيه، عن قتادة، عن أنس قال: دخل رجل المسجد ورسول اللَّه عليه السلام يخطب، فقال له النبي عليه السلام: "قم فاركع ركعتين"، وأمسك عن الخطبة حتى فرغ من صلاته. والثاني: أن ذلك كان قبل شروعه عليه السلام في الخطبة، وقد بوب النسائي في "سننه الكبرى" على حديث سليك قال: "باب الصلاة قبل الخطبة". . . ".
(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) انظر: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ٢٣٧)، وفيه قال: "وحديثهم قضية في عين، يحتمل أن يكون الموضع يضيق عن الصلاة، أو يكون في آخر الخطبة، بحيث لو تشاغل بالصلاة فاتته تكبيرة الإحرام، والظاهر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما أمره بالجلوس، ليكف أذاه عن الناس، لتخطيه إياهم، فإن كان دخوله في آخر الخطبة، بحيث إذا تشاغل بالركوع فاته أول الصلاة، لم يستحب له التشاغل بالركوع".

<<  <  ج: ص:  >  >>