للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قلنا- استدلُّوا بحديث: "اجلس فقد آذيت" (١). ولم يأمره، وكذلك أيضًا: "مَن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة، فلا صلاة ولا كلام" (٢). ولكننا قلنا: هذا ضعيف (٣)، وقالوا أيضًا: الحكمة في الخطبة هي الاستماع إليها، والذي يشتغل بغير الخطبة إنما هو منصرف عنها، حتى وإن كان انشغاله بطاعة من الطاعات، فإنه ينبغي أن يتفرغ لهذه الخطبة؛ لأنها تفوت، أما النوافل فله أن يصليها في أيِّ وقت (٤).

* قوله: (لَكِنْ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي رَاعَاهُ مَالِكٌ فِي هَذَا هُوَ العَمَلَ) (٥).

يقصد بالعمل هنا عمل أهل المدينة. والأدلة المذكورة (٦) منها ما هو ضعيف، ومنها ما هو محتمل، ونحن لا ندعُ نصًّا جاء في المسألة، قال الرسول للرجل: "أصليت؟ " قال: لا، قال: "قم فاركع ركعتين"، وقال في الحديث الآخر: "إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما"، والتجوز فيه إشارة إلى عدم الإطالة؛ ليجمع المصلي بين فضيلة الصلاة، صلاة التطوع، وبين فضيلة الخطبة؛ حتى لا تفوته الموعظة.


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) سبق.
(٤) سبق ذكر هذا في أدلة الأحناف والمالكية.
(٥) قال أبو العباس القرطبي: "وقد تأول أصحابنا حديث جابر -وهو أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر سليكًا أن يقوم فيصلي ركعتين- تأويلات في بعضها بُعْدٌ. وأولى معتمدِ المالكية في ترك العمل به أنه خبرٌ واحد عارضه عمل أهل المدينة خَلَفًا عن سَلَف من لدن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- إلى زمان مالك رَحِمَهُ اللَّهُ، فيكون العمل بهذا العمل أولى، وهذا أصل مالك رحمه اللَّه تعالى، وأما أبو حنيفة فترك العمل به على أصله أيضًا في ردّ أخبار الآحاد فيما تعم به البلوى، واللَّه أعلم". انظر: "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (٧/ ١٤٣).
(٦) يقصد أدلة الأحناف والمالكية. فالشارح يميل إلى مذهب الشافعية والحنابلة من جواز التنفل لمن دخل والإمام يخطب.

<<  <  ج: ص:  >  >>