للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بوُجُوب ذلك، ولم يقل بوجوب ذلك إلا إسحاق بن راهويه، وهو من أقران الإمام أحمد، والإمام أحمد قد أثنى عليه، ونبَّه على أنه يختلف معه في بعض المسائل.

فَهَذا الَّذي ذكَره المؤلف خطأٌ في نظري؛ لأنَّه لا مُوَازنة بين القَوْلين، ولا ينبغي أن نقولَ: ذَهَب بعضهم إلى الفَرْضيَّة، وبَعْضُهم إلى الاستحباب، ولعلَّ المؤلف رَحِمَهُ اللهُ لم يقف على الإجماع، ومِمَّا يُؤْخذ على هذا الكتاب أنه لا يُدقِّق في المَذَاهب الأُخرى، وليسَ هذَا دليلًا أننا ننقص من قيمة الكتاب أو قدره، لَا، بل لَه فيه فوائدُ كثيرةٌ، وهي أيضًا وإن وجدت فهي قليلة بالنسبة للمحاسن.

* قوله: (فَذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إِلَى أَنَّهُ فَرِيضَةٌ، وَأَنَّهُ يُجَدَّدُ لَهُمَا المَاءُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا القَوْلِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَيَتَأَوَّلُونَ مَعَ هَذَا أَنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ؛ لِقَوْلِهِ فِيهِمَا: إِنَّهُمَا مِنَ الرَّأْسِ) (١).

هَذَا تأويلٌ من المالكية، وإلَّا فالعلماء رحمهم الله قد حكوا الإجماع، ولو رجعنا إلى الكتب التي تُعْنى بالإجماع ككتب ابن المنذر ("الأوسط"، و"الإشراف")، و"المغني" لا بن قدا مة، وكتاب "المجموع" للنووي، وكتاب: "البناية" للإمام العينيِّ شارح البخاري صاحب "عمدة القاري"، وهو كتاب قيِّم، ويعدُّ من كتب الحنفية المتأخرة، وهذا الكتاب وإن لم يشتهر عند عددٍ من طلاب العلم، لوُجُود أخطاءٍ كثيرةٍ في طباعته، وتعصبه لمذهبه، وقد يكون تعصبه في "عمدة القاري" أكثر منه في ذلك الكتاب، وإلا فهو شَرَحَ أهم كتاب من كتب الحنفية، وهو كتاب: "الهداية"، وَعُنِيَ بالجانب الحديثيِّ، وَكَذلك الناحية اللُّغوية، وهو يعتمد كثيرًا فيما يَتَعلَّق بنقل المذاهب، والأدلَّة على كتاب "المغني" لابن قدامة.


(١) يُنظر. "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ٢٤٩)؛ حيث قال: "ومسح الأُذُنين مع تجديد الماء لهما، والمنصوص لمالكٍ أنهما من الرأس، وإنما السُّنَّة في تجديد الماء لهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>