للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد تجتمع عبادتان من جنس واحد لكن يختلف مقصودهما، كأن تأتي إلى صلاة الظهر الواجبة في وقتها، وتكون قد فاتتك صلاة ظهر أُخرى، فلا تدخل هذه على هذه؛ لأن هذه واجبة، وهذه واجبة، وهذه مؤداة، وهذه مقضية، لكِنْ لَو دخلت فوجدت الصلاة قد أقيمت، فتكفي صلاة الجماعة عن تحية المسجد. وكذلك الحال بالنسبة لركعتي الطواف عند بعض العلماء، ودخول الوضوء تحت الغسل وغير ذلك من مسائل كثيرة جدًّا تندرج تحت هذه القاعدة (١). فالعلماء إذن مختلفون، فجمهور العلماء بما فيهم الأئمة الأربعة المعروفون؛ أبو حنيفة (٢) ومالك (٣)


= جنس واحد، ولم يختلف مقصودهما دخل أحدهما في الآخر غالبًا. فمن فروعها: إذا اجتمع حدث وجنابة، أو جنابة وحيض كفى الغسل الواحد. ومنها لو قص المحرم أظفار يديه، ورجليه في مجلس واحد فإنه يجب عليه دم واحد اتفاقًا".
(١) انظر: "الأشباه والنظائر"، للسيوطي (ص: ١٢٦، ١٢٧)، وفيه قال: "ولو دخل المسجد وصلى الفرض دخلت فيه التحية، ولو دخل الحرم محرمًا، بحج فرض أو عمرة. دخل فيه الإحرام لدخول مكة. ولو طاف القادم عن فرض أو نذر، دخل فيه طواف القدوم. بخلاف ما لو طاف للإفاضة لا يدخل فيه طواف الوداع، لأن كلا منهما مقصود في نفسه، ومقصودهما مختلف، وبخلاف ما لو دخل المسجد الحرام، فوجدهم يصلون جماعة فصلاها، فإنه لا يحصل له تحية البيت، وهو الطواف؛ لأنه ليس من جنس الصلاة. . . ولو كان أحد الفعلين عمدًا والآخر خطأً، فلا تداخل؛ للاختلاف، فإن دية العمد مثلثة حالة على الجاني، ودية الخطأ مخمسة مؤجلة على العاقلة".
(٢) انظر: "البحر الرائق"، لابن نجيم (١/ ٦٦)، وفيه قال: " (قوله وسن للجمعة والعيدين والإحرام وعرفة)، أي: وسن الغسل لأجل هذه الأشياء، أما الجمعة؛ فلما روى الترمذي وأبو داود والنسائي وأحمد في مسنده والبيهقي في "سننه"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، وابن عبد البر في "الاستذكار" عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال: "قال رسول اللَّه: -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومَن اغتسل فالغسل أفضل"، قال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، أي: فبالسنة أخذ ونعمت هذه الخصلة، وقيل: فبالرخصة أخذ ونعمت الخصلة هذه".
(٣) انظر: "شرح مختصر خليل"، للخرشي (٢/ ٨٥)، وفيه قال: "والمعنى أن غسل الجمعة سنة مؤكدة على المشهور على كل من حضرها ولو لم تلزمه من مسافر وعبد وامرأة وصبي، كان ذا رائحة كالقصاب والحوات، أي: اللحام والسماك أو لا، وقيد اللخمي سنية الغسل بمن لا رائحة له وإلا وجب كالقصاب ونحوه". وانظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (١/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>