للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الأول: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل" (١). ومعنى هذا الحديث: "مَن توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت" أن مَن توضأ يوم الجمعة فبالرخصة أخذ، أو فبالسنة أخذ، أو بالفعل أخذ، إذن من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، أي: فبالرخصة أخذ ونعمت الرخصة التي هي الوضوء، "ومن اغتسل فالغسل أفضل" (٢). فبيَّن هذا الحديث أن الوضوء مطلوب، وأن الغسل مطلوب، وأن مَن أدَّى الوضوء يوم الجمعة أدى ما عليه، وأن الغسل فيه زيادة فضل، لا أنه واجب؛ لأن المفاضلة لا تكون إلا بين شيئين اجتمع الفضل فيهما، وامتاز أحدهما على الآخر (٣).

الدليل الثاني: حديث في "الصحيحين" (٤)، وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن توضَّأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فدنا وأنصت واستمع غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام" (٥)، فهذا اقتصر على وضوء فأحسنه، وجاء إلى الجمعة، فجلس والخطيب يخطب، فدنا من الإمام وهذا دليل أيضًا على فضل الخطبة وأهميتها، "ثم دنا وأنصت واستمع غفر له ما بينه وبين


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٤)، وغيره. وحسنه الألباني في "تحقيق رياض الصالحين" (١١٦٠).
(٢) انظر: "التهذيب"، للبغوي (١/ ٣٢٩)، وفيه قال: "والدليل على أنه غير واجب: ما روي عن سمرة بن جندب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن توضأ يوم الجمعة؛ فبها ونعمت، ومن اغتسل؛ فالغسل أفضل". قوله: "فبها ونعمت"، أي: بالسنة أخذ، ونعمت الخصلة". وانظر: "حاشية الشلبي على تبيين الحقائق، للزيلعي" (١/ ١٧).
(٣) قال النووي: "واحتجَّ اصحابنا على عدم الوجوب (أحدهما) قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فبها" وعلى كل قول مما سبق في تفسيره تحصل الدلالة. (والثاني): قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فالغسل أفضل"، والأصل في أفعل التفضيل أن يدخل على مشتركين في الفضل يرجح أحدهما فيه". انظر: "المجموع شرح المهذب" (٤/ ٥٣٥)، وانظر: "التنبيه على مبادئ التوجيه"، لابن بشير (٢/ ٦٢٤).
(٤) هو في مسلم فقط.
(٥) أخرج مسلم (٨٥٧/ ٢٧)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومَن مسَّ الحصى فقد لغَا".

<<  <  ج: ص:  >  >>