للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمعة وزيادة ثلاثة أيام"، فكيف يغفر لإنسان مدة أسبوع ويزاد على ذلك مدة ثلاثة أيام وهو قد ترك واجبًا؟ إذن فهذا الحديث نصٌّ في ذلك (١).

الدليل الثالث: حديث أبي هريرة: "بينما كان عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- يخطبُ النَّاس يوم الجمعة، فجاء عثمان -رضي اللَّه عنه-، فقال عمر: أيُّ ساعة هذه، -وفي بعض الروايات- ما بال أُناس يأتون بعد النداء" (٢). وقد أدرك عثمان -رضي اللَّه عنه- وهو الصحابي الجليل- أنه المقصود بذلك؛ لأنه لبيب، وقال: إني شُغِلت فلم أنقلب إلى أهلي إلا وقد سمعت النداء، فلم أزد على أن توضَّأت، فقال له عمر -رضي اللَّه عنه-: "والوضوء أيضًا؟ " (٣).

لكن عمر لم يطلب منه أن يذهب فيغتسل، وذلك بمشهد ومحضر ومسمع من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، ولم ينكر ذلك أحد على عثمانَ -رضي اللَّه عنه-، ولم يعارض فيه معارض، فقال أهل العلم: فكان ذلك موضع اتِّفاق؛ لأن هذه واقعة وقعت بين الصحابة، أكابرهم موجودون، وخليفة المسلمين يخطبهم يوم الجمعة، واستغرب من تأخُّر عثمان؛ لأن عثمان ليس من عادته أن


(١) انظر: "الشرح الكبير على متن المقنع"، لأبي الفرج المقدسي (٢/ ١٩٩، ٢٠٠)، وفيه قال: "وعن أبي هريرة قال، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة واستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصى فقد لغا". وحديثهم محمول على تأكيد الندب، وكذلك ذكر في سياقه: "وسواك وأن يمس طيبًا" كذلك رواه مسلم، والسواك ومس الطيب لا يجب".
(٢) أخرجه مسلم (٨٤٥/ ٤)، عن أبي هريرة، قال: بينما عمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة، إذ دخل عثمان بن عفان، فعرض به عمر، فقال: ما بال رجال يتأخرون بعد النداء؟ فقال عثمان: يا أمير المؤمنين ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت، ثم أقبلت، فقال عمر: والوضوء أيضًا، ألم تسمعوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل".
(٣) أخرجه البخاري (٨٧٨)، ومسلم (٨٤٥/ ٣)، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: أن عمر بن الخطاب، بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فناداه عمر: أية ساعة هذه؟ قال: إني شغلت، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد أن توضأت، فقال: والوضوء أيضًا، وقد علمت "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأمر بالغسل".

<<  <  ج: ص:  >  >>