للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الرسول: "ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم جمعته سوى ثوبي مهنته" (١)، ونحن الآن -والحمد للَّه- لدينا الثياب الكثيرة المتعددة، فقد يسَّر اللَّه تعالى علينا هذه الأمور، وفتح لنا أبواب الرزق، وكما مرَّ سابقًا لم يبق إلا أن نؤدي حقَّ هذه النعم؛ حتى يزيدنا اللَّه سبحانه وتعالى شكرًا وأمنًا إلى ما نحن فيه من أمن قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: ٧]، وقال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: ٥٥].

فيحسن بالمرء إذن في هذا المقام أن يأتي المسجد وقد حسن صورته؛ لأنه سيقف بين يدي اللَّه تبارك وتعالى، وحتى لا يأثم لو جاء برائحة غير طيبة؛ لأنه يؤذي المؤمنين بهذه الرائحة، وهو منهي عن إيذاء المؤمنين في كتاب اللَّه عز وجل، وفي سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-.

* قوله: (فَقِيلَ: لَوِ اغْتَسَلْتُمْ"؟ وَالأَوَّلُ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقٍ (٢). وَالثَّانِي خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَمُسْلِمٌ (٣)، وَظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ يَقْتَضِي وُجُوبَ الغُسْلِ (٤)، وَظَاهِرُ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِمَوْضِعِ النَّظَافَةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عِبَادَةً، وَقَدْ رُوِيَ: "مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتُ، وَمَنِ اغْتَسَلَ


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يقصد قوله: "طهر يوم الجمعة واجب على كل محتلم كطهر الجنابة". أخرجها ابن حبان كما تقدم. أما الحديث المتفق عليه، فلفظه: "الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم". وهذه الزيادة -وهي قوله: كطهر الجنابة- ليست في "الصحيحين"، بل هي ضعيفة كما سبق.
(٣) تقدَّم تخريجه عند مسلم وبنحوه أخرجه البخاري كما تقدم. وأما حديث أبي داود (٣٥٢)، فأخرجه عن عائشة، قالت: كان الناس مهان أنفسهم، فيروحون إلى الجمعة بهيئتهم، فقيل لهم: لو اغتسلتم. وصححه الألباني في: "صحيح أبي داود - الأم" (٣٧٩).
(٤) لتشبيهه بغسل الجنابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>