للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشعَّبَت آراء العلماء وتعددت، وكل مسألة لا يردُ فيها نصٌّ صحيح صريح نجد أن الخلاف يتعدد فيها، والأقوال تتفرع، ولذلك تعددت الأقوال، على ما يأتي:

القول الأول: تجب الجمعة على من آواه الليل إلى أهله، هذا فيمن هو خارج المصر، أما من هو داخل المصر فتجب عليه، فمن جاء إلى الجمعة فأمكنه أن يعود إلى أهله فيبيت فيهم، ويدركه الليل عند أهله، فهي واجبة عليه (١).

القول الثاني: تجب على من سَمِع النداء، وهم يدققون في أن سماع النداء إنما يكون في وقت هادئ تكون فيه الرياح ساكنة، وهو قول الشافعية (٢) والحنابلة (٣).

القول الثالث: تجب على مَن كان على مسافة ثلاثة أميال، وهو قول الإمام مالك (٤).


(١) انظر: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ٢٦٧)، وفيه قال: "وروي عن ابن عمر، وأبي هريرة، وأنس، والحسن، ونافع، وعكرمة، والحكم وعطاء، والأوزاعي، أنهم قالوا: الجمعة على من آواه الليل إلى أهله؛ لما روى أبو هريرة، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الجمعة على من آواه الليل إلى أهله".
(٢) انظر: "الغرر البهية"، لزكريا الأنصاري (٢/ ٢١)، وفيه قال: ". . . (حيث تقام) الجمعة من بلد، أو قرية، وإن لم يتوطن بها، فلا تلزم المسافر، ولا المقيم حيث لا تقام، إلا أن يبلغه النداء بوجه مخصوص كما قال: (أو) حيث لا تقام لكن (ندا) الجمعة (يبلغه من صيت)، أي: عالي الصوت يؤذن على عادته. (إذا هدا)، أي: سكن (ريح وصوت لو فرضناه وقف من بلد الجمعة الصوت، واعتبر سكون الريح، والصوت لئلا يمنعا بلوغ النداء، أو يعين عليه الريح واعتبر أقرب طرف إليه؛ لأن البلد قد تكبر بحيث لا يبلغ أطرافه النداء بوسطه، فاحتيط للعبادة".
(٣) انظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٢٢)، وفيه قال: " (فإن كان في البلد الذي تقام فيه الجمعة لزمته)، أي: الجمعة (ولو كان بينه وبين موضعها)، أي: موضع إقامة الجمعة (فرسخ، ولو لم يسمع النداء)؛ لأنه بلد واحد، فلا فرق فيه بين البعيد والقريب، ولأن المصر لا يكاد يكون أكثر من (فرسخ) فهو في مظنة القرب فاعتبر ذلك".
(٤) انظر: "شرح مختصر خليل"، للخرشي (٢/ ٨٠)، وفيه قال: " (ص) وإن بقرية نائية =

<<  <  ج: ص:  >  >>