للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو الأظهر في رأي المؤلف، لكننا نقول: كلما بادر الإنسان في هذا اليوم العظيم فلا شكَّ أن فضله سيزداد.

* قوله: (إِلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ الوَاجِبَ يَدْخُلُهُ الفَضِيلَةُ).

مراده هنا على أساس أن الأمر فيه وجوب، والواجب فيه فضل، "وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه" (١)، لكن قصده هنا أن الواجب تدخله الفضيلة بمعنى: أنه يعامل معاملة غير الواجب.

قال المصنف رحمه اللَّه تعالى: (المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي البَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ النِّدَاءِ).

أشار المؤلف إلى هذه المسألة إشارة لطيفة خفيفة؛ لأن هذا ليس محلها، وهذه مسألة مهمة جدًّا، لكن محلها هو كتاب البيع، ولكن مع ذلك أشار إليها المؤلف، وإشارته في محلها؛ لأنها مناسبة، لأن اللَّه سبحانه وتعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩]، ومعلوم أن البيع حلال، واللَّه سبحانه وتعالى يقول: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥]، وقد جاء في الحديث الصحيح: "إن أطيب ما أكل الإنسان من كسبه" (٢). يعني: من كسب يده، فالبيع والشراء والاشتغال بالتجارة مما اشتغل به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣)، واشتغل


(١) أخرجه البخاري (٦٥٠٢)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه. . . " الحديث.
(٢) أخرجه أبو داود (٣٥٢٨)، عن عمارة بن عمير، عن عمته، أنها سألت عائشة -رضي اللَّه عنها- في حجري يتيم أفآكل من ماله؟ فقالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه وولده من كسبه". وصححه الألباني في: "صحيح الجامع" (٢٢٠٨).
(٣) ذكر ابن سيد الناس في "عيون الأثر" (١/ ٦١، ٦٢) "أنه لما بلغ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خمسًا وعشرين سنة. . قال له أبو طالب: يا ابن أخي أنا رجل لا مال لي، وقد اشتد الزمان علينا، وألحت علينا سنون منكرة، وليس لنا مادة ولا تجارة، وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشام، وخديجة بنت خويلد تبعث رجالًا من قومك في عيرانها، فيتجرون لها في ما لها،. . . ".

<<  <  ج: ص:  >  >>