للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (أَمَّا القَصْرُ فَإِنَّهُ اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ قَصرِ الصلَاةِ لِلْمُسَافِرِ، إِلَّا قَوْلًا شَاذًّا، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ: وَهُوَ أَنَّ القَصْرَ لَا يَجُوزُ إِلَّا لِلْخَائِفِ).

من المعلوم أن هذا رأي عائشة، ومثله قول عمر، لكنه سأل، وكذلك أيضًا يعلى بن أمية، وكون عائشة رأت هذا الرأي ليس أمرًا مستغربًا، لأن الصحابة يختلفون، وكلهم يريد الوصول إلى الحقِّ، وعائشة كانت تُتِمُّ كما سيأتي.

* قوله: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: ١٠١] وَقَالُوا: إِنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- إِنَّمَا قَصَرَ، لِأَنَّهُ كانَ خَائِفًا، وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ).

هذا القول الذي روي عن عائشة ذكره ابن جرير في تفسيره (١)، وقد نقل هذا عن عائشة، واشتهر عنها، وعائشة قد فهمت من الآية أن القصر إنما كان لأجل الخوف، فلما زال الخوف وحلَّ الأمن، زال سبب القصر، فزال القصر، هذا الذي فهمته عائشة، والكلام هنا كثير جدًّا.

وممَّن تكلم عن هذه المسألة، وحقق القول فيها ودقَّقه، العالم الإمام ابن القيم رحمه اللَّه كما سبق، ومعلوم عنه أنه عندما يحقق في مسألة، فإنه لا ينتهي منها حتى يستقصي كُلَّ ما فيها فقد تكلم عن هذه المسألة، وبيَّن أن عائشة -رضي اللَّه عنها- إنما فهمت أن ذلك لأجل الخوف، وأنه لمَّا زال الخوف زال سببه، مع أن الواقع أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- سافر حاجًّا، وسافر معتمرًا، وسافر غازيًا، وفي كل أسفاره -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقصر الصلاة (٢).


= قال ابن الملقن: "وقال الخلال في "علله" عن أحمد: حديث منكر". انظر: "التوضيح" (١٣/ ٣١٤).
(١) تقدَّم.
(٢) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>