للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الأول: هو حديث عائشة المتفق عليه: "فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر" (١).

إذن الأصل في فرضية الصلاة أنها "ركعتين ركعتين" بقيت صلاة السفر على حالها، وزيد في صلاة الحضر، فصارت أربعًا، قال هؤلاء العلماء: هذا دليل على وجوبها، إذن أول دليل من أدلة الذين يقولون بوجوب القصر هو هذا.

الدليل الثاني: فعل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن هؤلاء العلماء قالوا: لم يثبت عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- دليل صحيح أنه أتم الصلاة، بل كان في جميع أسفاره يقصرها -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢). وما نقل عن عائشة أنها قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يفطر وأصوم ويقصر وأتمُّ (٣). قالوا: ذلك حديث ضعيف (٤).

وسيأتي الكلام والتنبيه عليه إن شاء اللَّه، فهذا هو دليل الذين يقولون بوجوب القصر.

* قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّ القَصْرَ وَالإِتْمَامَ كِلَاهُمَا فَرْضٌ مُخَيَّرٌ لَهُ، كَالخِيَارِ فِي وَاجِبِ الكَفَّارَةِ).

ليست القضية قضية واجب، ومراد المؤلف أنَّ من يقصر الصلاة فقد أصبح فرضه بمعنى: أنه يلزمه أن يؤدي الركعتين، ومن يصليها أربعًا يعني:


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) انظر: "اللباب في الجمع بين السنة والكتاب"، لجمال الدينا لأنصاري (١/ ٢٩٥)، وفيه قال في وجوب القصر: "فلو جاز الإتمام لفعله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مرة بيانًا للجواز، ثم إن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صدقة تصدق اللَّه بها عليكم فاقبلوا صدقته". أمرٌ، والأمر للوجوب. ويؤيد هذا ما روى مسلم: عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- قال: "فرض اللَّه الصلاة على لسان نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة".
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) انظر: "التحقيق في مسائل الخلاف" لابن الجوزي (١/ ٤٩٤) وفيه قال: "وقد اعترض على هذا الحديث بعض الفقهاء فقال يرويه مغيرة بن زياد وقد ضعفه أحمد وقال أبو زرعة لا يحتج بحديثه".

<<  <  ج: ص:  >  >>