للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقة دليل على أنها تتضمن التيسير والتخفيف ورفع العناء، وهذا تيسير من اللَّه سبحانه وتعالى، فهذا يدلُّ على أن القصر غير واجب، ثم ثبت عن عدد من الصحابة، فقد نقل عن عائشة أنها كانت تتم (١)، وعن عثمان -رضي اللَّه عنه- (٢)، وعن سعد بن أبي وقاص (٣)، وعن عبد اللَّه بن عمر (٤)، وعن غير هؤلاء من الصحابة ومن التابعين، أنهم كانوا يتمون الصلاة.

وبهذا يتبين أن القصر ليس واجبًا، لكننا نقول: إن القصر أفضل؛ لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- داوم عليه وفعله في كل أسفاره (٥)، وهو لا يداوم -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا على ما كان فيه فضل، ونحن نعلم أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان عبدًا شكورًا، ومعلوم أنه كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، ولما قيل له في ذلك: أليس اللَّه قد غفر لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر؟ {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}، فقال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ " (٦).


(١) أخرجه البخاري (١٠٩٠)، ومسلم (٦٨٥/ ٣)، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: "أن الصلاة أول ما فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر" قال الزهري: فقلت لعروة: "ما بال عائشة تتم في السفر؟ قال: إنها تأولت كما تأول عثمان".
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٤٤٣)، عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن أبيه: أن عثمان بن عفان صلى بمنى أربع ركعات، فأنكره الناس عليه، فقال: يا أيها الناس، إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقول: "من تأهل في بلد فليصل صلاة المقيم". قال الأرناؤوط: "إسناده ضعيف".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٢/ ٥٦٠)، عن ابن جريج، عن عطاء قال: لا أعلم أحدًا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يوفي الصلاة في السفر إلا سعد بن أبي وقاص قال: "وكانت عائشة توفي الصلاة في السفر وتصوم" قال: وسافر سعد بن أبي وقاص في نفر من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأوفى سعد الصلاة وصام، وقصر القوم وأفطروا فقالوا لسعد: كيف يفطرون ويقصرون وأنت تتمها وتصوم؟ قال: "دونكم أمركم؛ فإني أعلم بشأني" قال: فلم يحرمه عليهم سعد ولم ينههم عنه.
(٤) ذكره عنه ابن قدامة، فقال: "وممن روي عنه الإتمام في السفر: عثمان، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، وابن عمر، وعائشة -رضي اللَّه عنهم-". انظر: "المغني" (٢/ ١٩٧).
(٥) لحديث ابن عمر أن قال: "صحبت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر، وعمر، وعثمان كذلك -رضي اللَّه عنهم-: وقد تقدم.
(٦) أخرج البخاري (٤٨٣٧)، ومسلم واللفظ له (٢٨٢٠/ ٨١)، عن عائشة، قالت: كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>