للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أنهما سيان.

الثاني: أن القصر أفضل، وهذا أقوى الأقوال في مذهب الشافعي.

الثالث: أن الإتمام أفضل؛ لأنه هو الأصل، فالأصل هو أن تُصلَّى الصلاة رباعيةً، لكن اللَّه سبحانه وتعالى قد يخفف العبادات، ويجعل في المخفف من الفضل أكثر من غيره؛ لأنك في أداء عملك المخفف مستجيبٌ للَّه، ولذلك جاء في الحديث الصحيح: "إن اللَّه يحب أن تُؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معاصيه" (١) (٢).

فاللَّه تعالى إذا رخَّص لك في أمر، فلا تغلق هذا الباب، وائت بهذه الرخص، وعندما تفعلها مُيسَّرة وتعتقد بقلبك جازمًا أنك ما فعلتها إلا لأن اللَّه سبحانه وتعالى شرع لك ذلك، وخفَّف عنك، وأنك بذلك قد استجبت لما أمرك اللَّه سبحانه وتعالى به، ولما جاء به رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأنت بذلك مُثاب، وقد مرَّ ذِكر النية، وما يترتب عليها من الأعمال العظيمة، وأن الإنسان قد يخلص في عمل من الأعمال التي لا علاقة لها بالعبادة، لكن فيها نفع للمجتمع الإسلامي فيثاب عليها، كالذي يتزوج قاصدًا إكثار المسلمين يقصد بذلك أن يخرج اللَّه سبحانه تعالى من صلبه رجلًا عالمًا أو تقيًّا أو صالحًا، إلى غير ذلك، فاللَّه يثيبه على ذلك.

ومن يتكسَّبْ بقصد الإنفاق على أولاده وإعفافهم، وألا يمدوا أيديهم


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) قال الماوردي: "فإذا ثبت أن إتمام الصلاة في السفر جائز فقد اختلف أصحابنا في الأفضل والأولى على مذهبين، أحدهما: القصر أفضل اقتداء بأكثر أفعال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأكثر أفعاله القصر، وليكون من الخلاف خارجًا وهذا هو ظاهر قول الشافعي وعليه جمهور أصحابه. والثاني: وهو قول كثير منهم. إن الإتمام أفضل؛ لأن الإتمام عزيمة والقصر رخصة والأخذ بالعزيمة أولى، ألا ترى أن الصوم في السفر أفضل من الفطر وغسل الرجلين أفضل من المسح على الخفين. انظر: "الحاوي الكبير" (٢/ ٣٦٦). وحكى النووي القول الثالث. انظر: "المجموع شرح المهذب" (٤/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>