للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك نقل عن عليِّ بن أبي طالب أنه خرج من بيته بالكوفة إلى مكان يعرف بالنخيلة وهي قريبة من الكوفة، وقصر فيها، وقال: إنما أردْتُ أن أبيِّن لكم الحكم (١).

وكذلك نُقِل أيضًا عن غير هؤلاء الصحابة، فنحن هنا نجد أن الأقوال عن الصحابة مختلفة ومتعارضة، يعني أقوال الصحابة متعددة، فقد تجد للصحابي قولين، وتصبح متعارضةً.

إذن لم يرد نصٌّ من كتاب ولا سنة يحدد المسافة التي تقصر فيها الصلاة، ولم يرد قول متفق عليه بين الصحابة، وإنما اختلفوا في ذلك، ومعلوم أن الحالة تختلف، فمتى ما أجمع الصحابة على قول، فإن واجب المؤمن أن يسلم، وأن يأخذ به، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} [النساء: ١١٥]، هذه إشارة إلى الإجماع (٢)، أما إذا اختلف الصحابة، فحينئذ يختار من أقوالهم، فما بالك إذا اختلف غيرهم!

هذه مقدمة قدمت بها، وإن شاء اللَّه نأخذ كل قول ودليله على حدة.

* قوله: (فَإِنَّ العُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا اخْتِلَافًا كَثِيرًا).

هذه مسألة تُشكَل على بعض طلاب العلم، أحيانًا يذكر أحمد، وأحيانًا لا يذكره، وقد نبَّهنا كثيرًا أنه معتمد في نقل المذاهب على ابن عبد البر في كتابه الاستذكار (٣)، فإن ذكر ذكر وإن لم يذكر سكت، فهو هنا -كما هو ظاهر- نصَّ على أحمد.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٣٥٣)، عن إبراهيم؛ أن حذيفة كان يصلي ركعتين فيما بين الكوفة والمدائن.
(٢) وإشارة إلى كونه حجة. انظر: "اللمع في أصول الفقه"، للشيرازي (ص: ٨٧)، وفيه قال: "والدليل على أنه حجة قوله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)}، فتوعد على اتباع غير سبيلهم فدل على أن اتباع سبيلهم واجب ومخالفتهم حرام".
(٣) قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٦/ ٨٦): "اختلف الفقهاء -أئمة الفتوى- =

<<  <  ج: ص:  >  >>