للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: القَصْرُ فِي كُلِّ سَفَرٍ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا) (١).

هذا القول -وإن نصَّ المؤلف على أنه لأهل الظاهر- لكن هذا القول نصره كثير من العلماء المحققين في المذاهب (٢)، واستدلُّوا عليه، وتتبعوا أدلته، وعمدة أدلتهم إنما هو إطلاق النصوص، فليس في كتاب اللَّه عز وجل ولا في سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- دليل واحد يحدد المسافة التي تقصر فيها الصلاة، وما جاء في الحديث المرفوع من أنه أربعة برد فإنما هو ضعيف لم يصحَّ عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣)، وإنما صحَّ موقوفًا عن عبد اللَّه بن عباس (٤)، وجاء أيضًا عن عبد اللَّه بن عباس رواية أُخرى تخالفه، أنه قال:


(١) انظر: "المحلى"، لابن حزم (٥/ ٩)، وفيه قال: "وعن القاسم بن محمد وسالم: أنهما أمرَا رجلًا مكيًّا بالقصر من مكة إلى منًى، ولم يخصَّا حجًّا من غيره، ولا مكيًّا من غيره، وصح عن كلثوم بن هانئ وعبد اللَّه بن محيريز وقبيصة بن ذؤيب القصر في بضعة عشر ميلًا وبكل هذا نقول، وبه يقال أصحابنا في السفر إذا كان على ميل فصاعدًا في حج أو عمرة أو جهاد، وفي الفطر في كل سفر".
(٢) قال الرافعي: "ونقل الحناطي وصاحب "البيان" قولًا أن القصر يجوز؛ في السفر القصير بشرط الخوف؛ لعموم قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} الآية". انظر: "العزيز شرح الوجيز" (٢/ ٢٢٠).
والقول بالقصر في عموم السفر هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (٢٤/ ١٢)، وفيه قال: "وقد تنازع العلماء: هل يختص بسفر دون سفر؟ أم يجوز في كل سفر؟ وأظهر القولين أنه يجوز في كل سفر قصيرًا كان أو طويلًا كما قصر أهل مكة خلف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعرفة ومنى وبين مكة وعرفة نحو بريد أربع فراسخ. وأيضًا فليس الكتاب والسنة يخصان بسفر دون سفر لا بقصر ولا بفطر ولا تيمم".
(٣) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٢/ ٢٣٢)، وغيره، عن ابن عباس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان"، وضعفه البيهقي بقوله: وهذا حديث ضعيف، وضعفه الألباني في: "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (٤٣٩).
(٤) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ١٣٧)، وغيره، عن عطاء بن أبي رباح: "أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>