للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المعلوم أن العلماء، وبخاصة الفقهاء والأصوليين، يعنون بتعليل الأحكام، أي: يحاولون أن يوجدوا عللًا (١) للحكم، فيذكرون الأدلة والنصوص، وأحيانًا يذكرون تعليلاتٍ للأخذ بهذا الحكم، فمن العلل التي يذكرونها هنا أنهم يقولون: لأن مسيرة اليومين التي هي أربعة برد، هي التي فيها ترحال وشد (٢)، يعني: تقوم فتشد على الإبل، وتحمل أثاثك وبضاعتك عليها وتمشي ثم تنزل ثم تمشي، وهكذا، وأما السفر القصير فليس فيه شد وترحال، لكن نحن نقول الآن يوجد أيضًا في كلام الفقهاء أنهم نصوا بالنسبة للسفن قديمًا فيما لو ركب إنسان سفينة فقطعت به مسافة القصر في لحظات، في وقت قصير، قالوا: يقصر الصلاة (٣).


(١) العلة عند الأصوليين هي: "اسم لكل صفة توجب أمرًا ما إيجابًا ضروريًّا، والعلة لا تفارق المعلول البتة؛ ككون النار علة الإحراق والثلج علة التبريد الذي لا يوجد أحدهما دون الثاني أصلًا" انظر: "الإحكام"، لابن حزم (٨/ ٥٦٣).
(٢) الذين قالوا بهذه العلة مع هذه المسافة هم المالكية والشافعية والحنابلة.
مذهب المالكية، انظر: "الشرح الصغير" للدردير (١/ ٤٧٥)، وفيه قال: "وهي باعتبار الزمن مرحلتان، أي: سير يومين معتدلين أو يوم وليلة بسير الإبل المثقلة بالأحمال على المعتاد من سير وحط وترحال وأكل وشرب وصلاة".
ومذهب الشافعية، انظر: "كفاية النبيه"، لابن الرفعة (٤/ ١١٧ - ١١٨)، وفيه قال: "والمعنى في جواز القصر في هذه المسألة: أنه يلحق المسافر فيها مشقة الشد والترحال والحط؛ كما يلحقه فيما جاوزها، ولا يلحقه ذلك فيما دونها". وانظر: "فتح الوهاب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٨٢).
ومذهب الحنابلة، انظر: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ٩١)، وفيه قال: "قال ابن عباس: يا أهل مكة لا تقصروا في أدنى من أربعة برد من عسفان إلى مكة. قال الخطابي: وهو أصح الروايتين عن ابن عمر، ولأنها مسافة تجمع مشقة السفر من الحل والشد فجاز القصر فيها". وانظر: "الإقناع"، للحجاوي (١/ ١٧٩).
(٣) القائلون بهذا هم المالكية والشافعية والحنابلة ووجه عند الحنفية.
مذهب المالكية، انظر: "الفواكه الدواني"، للنفراوي (١/ ٢٥٣)، وفيه قال: " (ومن سافر)، أي: شرع في سفر (مسافة أربعة برد) ذهابًا مقصودًا قطعها دفعة واحدة، ولو قطعها في أقل من يوم وليلة بنحو طيران؛ لأن النظر في الشرع للمسافة". وانظر: "أسهل المدارك"، للكشناوي (١/ ٣١٣).
ومذهب الشافعية انظر: "تحفة المحتاج"، لابن حجر الهيتمي (٢/ ٣٨٠)، وفيه قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>