للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء، لكن هناك خلاف يسير فيما يتعلَّق بمَن يخرج مسافرًا للنزهة أو للصيد ونحو ذلك فهل يقصر؟

الجواب: الصحيح أنه يقصر، وهذا هو مذهب جمهور العلماء (١).

يبقى بعد ذلك مَن يسافر في معصية، اللَّه سبحانه وتعالى يقول: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣]، يقول في آية المائدة بالنسبة لأكل لحم الميتة {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ} [المائدة: ٣].

ونجد عبد اللَّه ابن عباس لما فسَّر هذه الآية قال: غير باغ، أي: على المسلمين، لا يبغي عليهم، ولا عادٍ بمعنى: أنه غير خارج على المسلمين (٢)، فلو أن إنسانًا ذهب ليقطع الطريق على المسلمين، أو ليسفك


(١) وهم المالكية في قول لهم والشافعية والحنابلة. وكذا الأحناف حتى قالوا بجوازه في سفر المعصية.
انظر في مذهب المالكية: "حاشية الدسوقي" (١/ ٣٥٨) وفيه قال: "وفي قصر اللاهي قولين بالكراهة والجواز".
وانظر في مذهب الشافعية: "أسنى المطالب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٢٣٨) وفيه قال: " (ويقصر إن كان له) في سلوكه (غرض) آخر ولو مع قصد إباحته لقصر كأمن وسهولة وزيارة وعبادة (ولو) كان الغرض (تنزهًا) ".
وفي مذهب الحنابلة: سبق النقل عن الرحيباني.
وانظر في مذهب الأحناف: "البناية شرح الهداية"، للعيني (٣/ ٣٥)، وفيه قال: "اعلم: أن السفر خمسة: واجب، ومندوب، ومباح، ومكروه، وحرام. فالواجب: سفر الحج. ومندوب: مثل حج النفل، وطلب العلم، وزيارة قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في مسجده، والصلاة في المسجد الأقصى، وزيارة الوالدين. والمباح: سفر التجارة، والتنزه، والمكروه: السفر من بلد إلى بلد، لا لغرض صحيح. والحرام: السفر لقطع الطريق، أو الإباق، ونحوهما. فعندنا يقصر في كل سفر".
(٢) أخرج البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٤/ ٢٨٢)، عن ابن عباس في هذه الآية معنى ما رويناه، عن مجاهد وقال: إنما أحله اللَّه لمن كان في طاعته إذا اضطر إليه، فمن عدا على المسلمين بسيفه يخيف سبيلهم ويقطع طريقهم، فلا يحل له شيء مما حرم اللَّه عليهم إذا اضطروا إليه قليلًا ولا كثيرًا ولا رخصة لهم فيها؛ لأنهم في معصية اللَّه، وإن كان غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه يعني: فلا حرج عليه أن يأكل منه شعبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>