للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا أوشك على الموت وهو بعد لم يعد إلى اللَّه سبحانه وتعالى، فهل مثل هذا يحتاج إلى شفقة؟ كثير من العلماء (١) قالوا: لا يأكل، وإنما أمامه طريق سهل ميسور، هو أن يعود إلى اللَّه ويتوب، ويصبح الأمر أمامه مباحًا ويزول الحظر، ومن العلماء من قال: يأكل، وهم فريق من أهل العلم لا يفرِّقون بين أيِّ نوع من أنواع السفر (٢).

وجمهور العلماء؛ مالك والشافعي وأحمد (٣) يقولون: مَن سافر سفر معصية ليس له أن يقصر الصلاة؛ لأن في قصره للصلاة إعانة له تقربه مما يريد الوصول إليه، فهذا سافر ليعصي اللَّه، فعندما يقصر الصلاة يسر له الأمر وهيئ وخفف عنه، فكان في ذلك إعانة له ولا ينبغي أن يعان إنسان في مثل هذا المقام، وفريق آخر من العلماء (٤) قالوا: إن عموم أدلة الكتاب والسنة التي جاءت في القصر لم تفرق بين مسافر ومسافر، فينبغي كذلك ألا نفرق بينهما.

ورأينا في هذا أن الأولى في هذه المسألة هو مذهب جمهور العلماء، وهو أن المسافر سفر معصية لا يقصر الصلاة، وأما مَن سافر سفرًا مباحًا أو للنزهة؛ كأن يذهب ليصطاد، أو أن يذهب ليغير الجو، كما يفعله كثير من الناس، فهذا أمر أباحه اللَّه سبحانه وتعالى للإنسان وله أن يقصر، لكن ينبغي أن يلاحظ أن كثيرًا من الإخوة أو بعضًا من الإخوة -هداهم اللَّه- يتخذون ذلك يوم الجمعة، فيخرجون ويدعون الصلاة، وهذا لا ينبغي (٥).


(١) وهم الجمهور.
(٢) وهم الحنفية. يُنظر: "التجريد"، للقدوري (٢/ ٩٠٠) وفيه قال: "قال أصحابنا: إذا سافر الرجل لقصد المعصية -كمن خرج لقطع الطريق أو البغي على الإمام أو العبد يابق من مولاه- جاز لهم الترخص برخص السفر".
(٣) كما مرَّ النقل عنهم قريبًا.
(٤) وهم الحنفية كما مر النقل عنهم قريبًا.
(٥) ولذلك اتَّفق الفقهاء على منع السفر يوم الجمعة بعد الزوال، فالأحناف على الكراهة والجمهور على التحريم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>