للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْصِيَةً، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ (١)، وَالثَّوْرِيُّ (٢)، وَأَبُو ثَوْرٍ (٣)).

أخذًا بعموم الأدلَّةِ، قالوا: الأدلة لم تفرق بين مسافر ومسافر، فأطلقت، فنقول: الآية أيضًا يفهم منها معاملة العاصي خلاف غيره، ثم في استقراء أدلة الشريعة وأحكامها نجدْ أن اللَّه سبحانه وتعالى قد أمر بالتعاون على البر والتقوى، وأن الإنسان لا يُعان على الإثم، فمن يرتكب إثمًا لا يعان عليه، وإن لم تكن الإعانة مباشرة، لكن هذه وسيلة وتخفيف عليه، وفي التخفيف عليه نوع من الإعانة.

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ المَعْنَى المَعْقُولِ أَوْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ لِدَلِيلِ الفِعْلِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنِ اعْتَبَرَ المَشَقَّةَ أَوْ ظَاهِرَ لَفْظِ السَّفَرِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ سَفَرٍ وَسَفَرٍ) (٤).

يعني: مَن اعتبر ظاهر السفر -كما ذكرنا إطلاق النصوص- قال: لا نرى فرقًا، أو أن العلة المشقة؛ لأن السفر مظنة المشقة، إذن هذه المظنة لا يختلف فيها المطيع والعاصي، فلماذا فرقتم؟

هذا هو المعنى المعقول الذي يريد أن يتكلم عنه، إذن هو يريد أن يقول: النصوص عامة.

والعلة التي نقول جميعًا بأنَّه خفف عن المسافر لأجلها هي مظنة


(١) تقدَّم النقل قريبًا.
(٢) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١١/ ١٨١) وفيه قال: "وقال بعضهم للعاصي أن يقصر وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي يقصر المسافر عاصيا كان أو مطيعًا".
(٣) لم أقف على قوله.
(٤) انظر: "المحيط البرهاني"، لابن مازه (٢/ ٢٤)، وفيه قال: "ولنا قوله عليه السلام: "فرض المسافر ركعتان من غير قصر"، ولأن السفر له صار مرخصًا باعتبار مشقة تلحقه المشي بالأقدام، والغيبة عن الوطن ولا خطر في هذا، ولنا الخطر في مقصوده لا في عين السفر، فيبقى بعين السفر مرخصًا مبيحًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>