للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَلَا يُتِمُّ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلَ بُيُوتِهَا).

لكن العلماء أحيانًا يثيرون مسائل فرعية حول هذا، فلو أن إنسانًا خرج ليسافر، ثم عاد وقد تذكر أنه نسي شيئًا، هل في حالة العودة يقصر؟ الصحيح: أنه يقصر؛ لأنه ما يزال في سفر (١).


(١) ذهب الجمهور إلى أنه من فارق بلده ثم تذكر شيئًا وعاد ولم يكن ينوي الرجوع، وكانت المسافة التي قطعها هي مسافة القصر فإنه يقصر في حال رجوعه.
واشترط الأحناف شرطين لجواز قصره في حالة رجوعه، وهما: عدم دخوله وطنه. وثانيًا: قضاءه مدة القصر، وهي ثلاثة أيام، فإذا لم يقضِ المدة ثم تذكر شيئًا قد نسيه فعاد فإنه يتم. وكذأ إذا قضى المدة وعاد وقد دخل وطنه فإنه يتم أيضًا، أما إذا كان قريبًا منه وقد بلغ مدة القصر استمر في قصره.
انظر في مذهب الأحناف: "البحر الرائق"، لابن نجيم (٢/ ١٤٢)، وفيه قال: "والذي يظهر أنه لا بدَّ من دخول المصر مطلقًا؛ لأن العلة مفارقة البيوت قاصدًا مسيرة ثلاثة أيام لا استكمال سفر ثلاثة أيام بدليل ثبوت حكم السفر بمجرد ذلك فقد تمت العلة لحكم السفر فيثبت حكمه ما لم تثبت علة حكم الإقامة، وروى البخاري تعليقًا أن عليًّا خرج فقصر، وهو يرى البيوت فلما رجع قيل له: هذه الكوفة، قال لا حتى ندخلها يريد أنه صلى ركعتين والكوفة بمرأى منهم فقيل له إلى آخره". وانظر: "البناية شرح الهداية"، للعيني (٣/ ٢٩).
وانظر في مذهب المالكية: "الشامل في فقه الإمام مالك"، للدميري (١/ ١٣٠)، وفيه قال: "فلو رجع قبل المسافة أتم، ولو لشيء نسيه على المشهور كمن عدل عن القصر لغير عذر، وإلا قصر كمن رجع بعد المسافة".
وانظر في مذهب الشافعية: "أسنى المطالب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٢٣٦) وفيه قال: "لو (فارق البنيان)، أو غيره من الأمكنة التي شرط مفارقته لها (ثم رجع) إليها (من قريب)، أي: من دون مسافة القصر (لحاجة)؛ كتطهر (أو نواه)، أي: الرجوع لها، وهو مستقل ماكث ولو بمكان لا يصلح للإقامة (فإن كانت وطنه صار مقيما) بابتداء رجوعه، أو بنيته فلا يترخص في إقامته ولا رجوعه إلى أن يفارق وطنه تغليبًا للوطن". وانظر: "تحفة المحتاج"، لابن حجر الهيتمي (٢/ ٣٧٥، ٣٧٦).
وانظر في مذهب الحنابلة: "كشاف القناع"، للبهوتي (١/ ٥٠٨)، وفيه قال: " (ولو لم ينو الرجوع) عند مفارقته كما سبق مسافرًا (لكن بدا له) الرجوع (لحاجة) بدت له (لم يترخص) بقصر ولا فطر (في رجوعه بعد نية عوده، حتى يفارقه أيضًا) أو تنثني نيته في نحو يسير لما تقدم (إلا أن يكون رجوعه) إلى وطنه (سفرًا طويلًا)، أي: يبلغ مسافة القصر فيترخص في عوده؛ لأنه مسافر". وانظر: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>