للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ (١): أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ إِذَا كَانَتْ قَرْيَةً جَامِعَةً حَتَّى يَكُونَ مِنْهَا بِنَحْوِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ) (٢).

هذا قول لا دليل عليه، وكون الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ في حديث أنس، والشك من شعبة: هل هي ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ - يقصر الصلاة (٣)، هذا حقيقة لا دليل فيه، وإنما فيه أنه إذا أراد سفرًا طويلًا، إذا خرج هذه المسافة توقف وقصر، ولذلك نجد أنه أحيانًا يؤخر الظهر إلى وقت العصر (٤).

* قوله: (وَذَلِكَ عِنْدَهُ أَقْصَى مَا يَجِبُ فِيهِ الجُمُعَةُ عَلَى مَنْ كَانَ خَارِجَ المِصْرِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ) (٥).

من المعلوم أن في الجمعة خلاف، والجمعة تجب على مَن سمع النداء، وعلى من آواه النداء إلى أهله، ومعلوم أن مالكًا قال: تجب على من كان بينه وبين موضعها ثلاثة أميال (٦)، وهذا هو الذي يُشير إليه المؤلف.


(١) أي: عن مالك كما سيأتي بيانه قريبًا.
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (١/ ٣٦٠) وفيه قال: "وظاهر قوله ويتم المسافر حتى يبرز من قريته (وتؤولت أيضًا على مجاوزة ثلاثة أميال بقرية الجمعة) بحمل قولها: حتى يبرز عن قريته على مجاوزة الثلاثة في قريتها". وانظر: "الكافي في فقه أهل المدينة"، لابن عبد البر (١/ ٢٤٥).
(٣) أخرجه مسلم (٦٩١) بلفظ: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو ثلاثهَ فراسخ -شعبة الشاك- صلى ركعتين".
(٤) انظر: "المجموع شرح المهذب"، للنووي (٤/ ٣٢٨، ٣٢٩)، وفيه قال: "وأما حديث أنس فليس معناه أن غاية سفره كانت ثلاثة أميال، بل معناه أنه كان إذا سافر سفرًا طويلًا فتباعد ثلاثة أميال قصر، وليس التقييد بالثلاثة لكونه لا يجوز القصر عند مفارقة البلد، بل لأنه ما كان يحتاج إلى القصر إلا إذا تباعد هذا القدر؛ لأن الظاهر أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يسافر عند دخول وقت الصلاة إلا بعد أن يصليهما فلا تدركه الصلاة الأخرى إلا وقد تباعد عن المدينة".
(٥) تقدَّم قريبًا.
(٦) تقدَّم قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>