للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قَوْله: (وَمَنْ رَاعَى دَلِيلَ الفِعْلِ (١)، أَعْنِي: فِعْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ (٢): لَا يَقْصُرُ إِلَّا إِذَا خَرَجَ مِنْ بُيُوتِ القَرْيَةِ بثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، لِمَا صَحَّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: كانَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ -شُعْبَةُ الشَّاك- صَلَّى رَكعَتَيْنِ (٣)).

لكن هذا لا يدلُّ على أن الإنسان لا يبدأ القصر قبله، وإنما هذا فيه أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يمشي مسافة ثم يقصر؛ لأنه كان إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الصلاة، فإن ارتحل قبلُ مشَى -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن المعلوم أنه كان يقطع مسافة حتى يأتي وقت العصر، فيجمع بينها وبين الظهر (٤)، كما سيأتي أيضًا في مسألة الجمع بين الصلاتين، وجاء أيضًا في بعض الأحاديث أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا جدَّ به السير، أي: أسرع به السير (٥) جمَعَ (٦).

* قوله: (وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الزَّمَانِ الَّذِي يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ إِذَا أقَامَ فِيهِ فِي بَلَدٍ أَنْ يَقْصُرَ، فَاخْتِلَافٌ كَثِيرٌ، حَكَى فِيهِ أَبُو عُمَرَ نَحْوًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا) (٧).

تعددت الأقوال في هذه المسألة أيضًا وكثرت وافترقت، لكن المؤلف سيأخذ أشهرها، فهناك مَن يقول من أهل العلم: إذا أقام يومًا وليلةً (٨)،


(١) وهو الإمام مالك في رواية عنه كما مر.
(٢) أي: مالك كما مر قريبًا.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) أخرجه البخاري (١١١٢) ومسلم (٧٠٤) بلفظ: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل، صلى الظهر، ثم ركب".
(٥) جَدَّ في السير، أي: أسرع. انظر: "المخصص"، لابن سيده (١/ ٣٠٥).
(٦) أخرجه البخاري (١١٠٦) ومسلم (٧٠٣) بلفظ: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير".
(٧) تقدَّم نقل جملة من هذه الأقوال قريبًا.
(٨) انظر: "معالم السنن"، للخطابي (١/ ٢٦٨)، وفيه قال: "وقال ربيعة قولًا شاذًا إن من أقام يومًا وليلة أتم الصلاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>