للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَالأَشْبَهُ فِي المُجْتَهِدِ فِي هَذَا أَنْ يَسْلُكَ أَحَدَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَجْعَلَ الحُكْمَ لِأَكْثَرِ الزَّمَانِ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ).

يريد المؤلف أن يقول: عندما يأتي مجتهد ممن اجتمعت لديه أدوات الاجتهاد، فأراد أن يجتهد في مثل هذه المسألة التي تشعبت فيها الآراء وتعددت الأقوال وأيضًا اختلفت وجهات النظر فيها ما الذي سيفعله؟

قوله: "أَنَّهُ أَقَامَ فِيهِ مُقْصِرًا"، وَيَجْعَلَ ذَلِكَ حَدًّا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الأَصْلَ هُوَ الإِتْمَامُ، فَوَجَبَ أَلَّا يُزَادَ عَلَى هَذَا الزَّمَان إِلَّا بِدَلِيلٍ، أَوْ يَقُولَ: إِنَّ الأَصْلَ فِي هَذَا هُوَ أَقَلُّ الزَّمَان الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الإِجْمَاعُ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "أَقَامَ مُقْصِرًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ"، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَقَامَهُ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لِلْمُسَافِرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَقَامَهُ بِنِيَّةِ الزَّمَان الَّذِي تَجُوزُ إِقَامَتُهُ فِيهِ مُقْصِرًا بِاتِّفَاقٍ، فَعَرَضَ لَهُ أَنْ أقَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ الِاحْتِمَالُ وَجَبَ التَمَسُّكُ بِالأَصْلِ، وَأَقَلُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) (١).

لكن ما دليل قول ربيعة؟ ليست القضية قضية أقل ما قيل في ذلك، إنما الكل ينبغي أن يبني على دليل، والأقوال التي فوق هذا، -التي هي الثلاثة فما فوق- إنما استندت إلى أدلة.

* قوله: (وَرُوِيَ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ أَنَّ المُسَافِرَ يَقْصُرُ أَبَدًا إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ مِصْرًا مِنَ الأَمْصَارِ (٢)، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْمَ السَّفَرِ وَاقِعٌ


(١) انظر: "عيون المسائل"، للقاضي عبد الوهاب (ص: ١٤٤) وفيه قال: "وقال ربيعة: إنَّ نوى إقامة يوم وليلة أتمّ الصّلاة".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٣٧٤) بلفظ: "عن الحسن، قال: يصلي المسافر ركعتين حتى يرجع إلا أن يأتي مصرًا من الأمصار فيصلي بصلاتهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>